[فَصْلٌ الْحَقُّ فِي الْقَسْمِ لِلْأَمَةِ دُونَ سَيِّدِهَا]
(٥٧٢٣) فَصْلٌ: وَالْحَقُّ فِي الْقَسْمِ لِلْأَمَةِ دُونَ سَيِّدِهَا، فَلَهَا أَنْ تَهَبَ لَيْلَتَهَا لِزَوْجِهَا، وَلِبَعْضِ ضَرَائِرِهَا، كَالْحُرَّةِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا، وَلَا أَنْ يَهَبَهُ دُونَهَا؛ لِأَنَّ الْإِيوَاءَ وَالسَّكَنَ حَقٌّ لَهَا دُونَ سَيِّدِهَا، فَمَلَكَتْ إسْقَاطَهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ أَحْمَدَ إنَّهُ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَ الْأَمَةِ فِي الْعَزْلِ عَنْهَا. أَنْ لَا تَجُوزَ هِبَتُهَا لِحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ إلَّا بِإِذْنِهِ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْقَسْمُ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ فِيهِ حَقٌّ، وَلِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْفَيْئَةِ لِلْأَمَةِ دُونَ سَيِّدِهَا، وَفَسْخُ النِّكَاحِ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ لَهَا دُونَ سَيِّدِهَا، فَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ لَهُ هَاهُنَا.
[فَصْلٌ لَا قَسَمَ عَلَى الرَّجُلِ فِي مِلْكِ يَمِينِهِ]
(٥٧٢٤) فَصْلٌ: وَلَا قَسْمَ عَلَى الرَّجُلِ فِي مِلْكِ يَمِينِهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ، فَلَهُ الدُّخُولُ عَلَى الْإِمَاءِ كَيْفَ شَاءَ، وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهِنَّ إنْ شَاءَ كَالنِّسَاءِ، وَإِنْ شَاءَ أَقَلَّ، وَإِنْ شَاءَ أَكْثَرَ، وَإِنْ شَاءَ سَاوَى بَيْن الْإِمَاءِ، وَإِنْ شَاءَ فَضَّلَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَمْتَعَ مِنْ بَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] وَقَدْ «كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ، وَرَيْحَانَةُ، فَلَمْ يَكُنْ يَقْسِمُ لَهُمَا.» وَلِأَنَّ الْأَمَةَ لَا حَقَّ لَهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ، وَلِذَلِكَ لَا يَثْبُتُ، لَهَا الْخِيَارُ بِكَوْنِ السَّيِّدِ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا، وَلَا تُضْرَبُ لَهَا مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، لَكِنْ إنْ احْتَاجَتْ إلَى النِّكَاحِ، فَعَلَيْهِ إعْفَافُهَا، إمَّا بِوَطْئِهَا، أَوْ تَزْوِيجِهَا، أَوْ بَيْعِهَا.
[فَصْلٌ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ لَيْلَةً لَيْلَةً]
(٥٧٢٥) فَصْلٌ وَيَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ لَيْلَةً لَيْلَةً فَإِنْ أَحَبَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُنَّ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا. وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهُنَّ. وَالْأَوْلَى مَعَ هَذَا لَيْلَةٌ وَلَيْلَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لَعَهْدِهِنَّ بِهِ، وَتَجُوزُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهَا فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، فَهِيَ كَاللَّيْلَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَسَمَ لَيْلَةً وَلَيْلَةً، وَلِأَنَّ التَّسْوِيَةَ وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ بِالْبِدَايَةِ بِوَاحِدَةٍ، لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً، تَعَيَّنَتْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ حَقًّا لِلْأُخْرَى، فَلَمْ يَجُزْ جَعْلُهَا لِلْأُولَى بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَلِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِحُقُوقِ بَعْضِهِنَّ، فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ، كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ، وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا، حَصَلَ تَأْخِيرُ الْأَخِيرَةِ فِي تِسْعِ لَيَالٍ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ تِسْعًا، وَلِأَنَّ لِلتَّأْخِيرِ آفَاتٌ، فَلَا يَجُوزُ مَعَ إمْكَانِ التَّعْجِيلِ بِغَيْرِ رِضَى الْمُسْتَحِقِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute