(٥٢٧٩) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُك، وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك وَتَزَوَّجْتُك
وَبِذَلِكَ خَالِيًا عَنْ قَوْلِهِ: وَتَزَوَّجْتُك. وَهَذَا لَفْظُ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ. وَبِقَوْلِهِ: جَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك. أَوْ جَعَلْت صَدَاقَك عِتْقَك. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: " سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْعِتْقُ أَوْ تَأَخَّرَ ". وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا، فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: إذَا قَالَ: جَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك، أَوْ صَدَاقَك عِتْقَك. كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ. (٥٢٨٠) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ. وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُك. وَسَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ، أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: جَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك
لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِالْعِتْقِ حُرَّةً، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا بِصَدَاقٍ جَدِيدٍ.
(٥٢٨١) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ.»
[فَصْلٌ طَلَاقُ الْأَمَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ]
(٥٢٨٢) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِ مَا فَرَضَ لَهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا نَفْسَهَا، وَلَا سَبِيلَ إلَى الرُّجُوعِ فِي الرِّقِّ بَعْدَ زَوَالِهِ، فَرَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ نَفْسِهَا. وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَالْحَكَمُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَرْجِعُ بِرُبْعِ قِيمَتِهَا.
وَلَنَا أَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَأَوْجَبَ الرُّجُوعَ فِي النِّصْفِ، كَسَائِرِ الطَّلَاقِ.
وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ الْإِتْلَافِ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَادِرَةً عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، فَهَلْ تُسْتَسْعَى فِيهَا، أَوْ تَكُونُ دَيْنًا تُنْظَرُ بِهِ إلَى حَالِ الْقُدْرَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ بِهَذَا الْقَوْلِ. فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَرَجَعَ إلَى قِيمَةِ الْمُفَوَّتِ، كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا: إنَّ النِّكَاحَ انْعَقَدَ بِهِ. فَارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ فَعَلَتْ مَا يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا، مِثْلَ أَنْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةً لَهُ صَغِيرَةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا.
[فَصْلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَك]
(٥٢٨٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَك، وَيَكُونَ عِتْقُك صَدَاقَك. أَوْ لَمْ يَقُلْ: وَيَكُونَ عِتْقُك صَدَاقَك. فَقَبِلَتْ، عَتَقَتْ، وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ فِي نِكَاحٍ، فَلَمْ يَلْزَمْهَا، كَمَا لَوْ كَانَ أَسْلَفَ حُرَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute