بَطَلَتْ الْمُحَابَاةُ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَلَهَا صَدَاقُهَا وَرُبُعُ الْبَاقِي بِالْمِيرَاثِ. وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ، صَحَّتْ الْمُحَابَاةُ، وَيَدْخُلُهَا الدَّوْرُ، فَنَقُولُ: لَهَا مَهْرُهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ، وَشَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ يَبْقَى لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ خَمْسَةُ الْأَشْيَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِمْ نِصْفُ مَالِهَا، وَهُوَ دِينَارَانِ، وَنِصْفُ شَيْءٍ، صَارَ لَهُمْ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ إلَّا نِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، اُجْبُرْ وَقَابِلْ، يَتَبَيَّنْ أَنَّ الشَّيْءَ ثَلَاثَةٌ، فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهَا أَرْبَعَةٌ، وَلِوَرَثَتِهِ سِتَّةٌ. وَإِنْ خَلَفَتْ مَعَ ذَلِكَ دِينَارَيْنِ، عَادَ إلَى الزَّوْجِ مِنْ مِيرَاثِهَا ثَلَاثَةٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ، صَارَ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ إلَّا نِصْفُ شَيْءٍ، اُجْبُرْ وَقَابِلْ، يَخْرُجْ الشَّيْءُ ثَلَاثَةً وَخُمُسَيْنِ، فَصَارَ لِوَرَثَتِهِ سِتَّةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَلِوَرَثَتِهَا خَمْسَةٌ وَخُمُسٌ.
[فَصْل أَوْصَى بِجَارِيَةِ لِزَوْجِهَا الْحُرِّ فَقَبِلَهَا]
(٤٦١٥) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِزَوْجِهَا الْحُرِّ، فَقَبِلَهَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ مِلْكِ الْيَمِينِ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبُولِ، فَحِينَئِذٍ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ إذَا قَبِلَ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي، فَتَبَيَّنَ حِينَئِذٍ أَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي، فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ تَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا، أَنْ تَكُونَ حَامِلًا بِهِ حِينَ الْوَصِيَّةِ، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَوْصَى، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ مُوصًى بِهِ مَعَهَا؛ لِأَنَّ لِلْحَمْلِ حُكْمًا، وَلِهَذَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ، وَإِذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مُنْفَرِدًا، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مَعَ أُمِّهِ، فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا فَأَوْصَى بِهِمَا جَمِيعًا. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، لَا حُكْمَ لِلْحَمْلِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْحُكْمُ عِنْدَ انْفِصَالِهِ، كَأَنَّهُ حَدَثَ حِينَئِذٍ. فَعَلَى هَذَا إنْ انْفَصَلَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، فَهُوَ لَهُ، كَسَائِرِ كَسْبِهَا، وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْد مَوْتِهِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ، فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ، عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَهُ، فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ. الْحَالُ الثَّانِي، أَنْ تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ تَضَعَهُ بَعْد سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ أَوْصَى؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا حَمَلَتْهُ بَعْدَهَا فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَمْلِ حَالَ الْوَصِيَّةِ، فَلَا نُثْبِتُهُ بِالشَّكِّ، فَيَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي إنْ وَلَدَتْهُ فِي حَيَاتِهِ. وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ، وَقُلْنَا: لِلْحَمْلِ حُكْمٌ. فَكَذَلِكَ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا حُكْمَ لَهُ. فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَلَا بَيِّنَةَ إنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَهُ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُهُ، وَعَلَيْهِ وَلَاءٌ لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ، وَأُمُّهُ أَمَةٌ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِالْمِلْكِ، وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعْلَقْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ. الْحَالُ الثَّالِثُ، أَنْ تَحْمِلَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْقَبُولِ أَيْضًا، فَهُوَ لِلْوَارِثِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا ثَبَتَ لِلْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ. وَإِنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ الْقَبُولِ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute