الْعُلْيَا لِلْأَوَّلِ، وَأَرْشُ السُّفْلَى عَلَى الْجَانِي لَصَاحِبِهَا، وَإِنْ عَفَا الْجَانِي عَنْ قِصَاصِهَا، وَجَبَ أَرْشُهَا، يَدْفَعُهُ إلَيْهِ، لِيَدْفَعَهُ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا ثُمَّ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْ آخَرَ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى مِنْ تِلْكَ الْإِصْبَعِ]
(٦٧٤٥) فَصْلٌ: وَإِنْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا، ثُمَّ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْ آخَرَ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى مِنْ تِلْكَ الْإِصْبَعِ، فَلِلْأَوَّلِ قَطْعُ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ، ثُمَّ يَقْطَعُ الثَّانِي الْوُسْطَى، وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْعُلْيَا مِنْهُ. فَإِنْ بَادَرَ الثَّانِي فَقَطَعَ الْأُنْمُلَتَيْنِ، فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ لِلْأَوَّلِ، وَلَهُ الْأَرْشُ عَلَى الْجَانِي. وَإِنْ كَانَ قَطَعَ الْأُنْمُلَتَيْنِ أَوَّلًا، قَدَّمْنَا صَاحِبَهُمَا فِي الْقِصَاصِ، لِلْأَوَّلِ، وَلَهُ الْأَرْشُ عَلَى الْجَانِي. وَإِنْ بَادَرَ صَاحِبُهَا فَقَطَعَهَا، فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَتُقْطَعُ الْوُسْطَى لِلْأَوَّلِ، وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ لِلْعُلْيَا. وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَاطِعِ عُلْيَا، فَاسْتَوْفَى الْجَانِي مِنْ الْوُسْطَى، فَإِنْ عَفَا إلَى الدِّيَةِ، تَقَاصَّا وَتَسَاقَطَا؛ لِأَنَّ دِيَتَهُمَا وَاحِدَةٌ، وَإِنْ اخْتَارَ الْجَانِي الْقِصَاصَ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَيَدْفَعُ أَرْشَ الْعُلْيَا. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، أَنْ لَا يَجِبَ الْقِصَاصَ؛ لِأَنَّ دِيَتَهُمَا وَاحِدَةٌ، وَاسْمُ الْأُنْمُلَةِ يَشْمَلُهُمَا، فَتَسَاقَطَا، كَقَوْلِهِ فِي إحْدَى الْيَدَيْنِ بَدَلًا عَنْ الْأُخْرَى.
[مَسْأَلَةٌ قُتِلَ وَلَهُ وَلِيَّانِ بَالِغٌ وَطِفْلٌ أَوَغَائِب]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا قُتِلَ وَلَهُ وَلِيَّانِ؛ بَالِغٌ، وَطِفْلٌ أَوْ غَائِبٌ، لَمْ يَقْتُلْ، حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ وَيَبْلُغَ الطِّفْلُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ وَرَثَةَ الْقَتِيلِ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، لَمْ يَجُزْ لَبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ إلَّا بِإِذْنِ الْبَاقِينَ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا، اُنْتُظِرَ قُدُومُهُ، وَلَمْ يَجُزْ لِلْحَاضِرِ الِاسْتِقْلَالُ بِالِاسْتِيفَاءِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَيْسَ لَغَيْرِهِمَا الِاسْتِيفَاءُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَيُفِيقَ الْمَجْنُونُ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَإِسْحَاقُ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -
وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى: لِلْكِبَارِ الْعُقَلَاءِ اسْتِيفَاؤُهُ. وَبِهِ قَالَ حَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَتَلَ ابْنَ مُلْجِمٍ، قِصَاصًا، وَفِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ وِلَايَةَ الْقِصَاصِ هِيَ اسْتِحْقَاقُ اسْتِيفَائِهِ، وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ هَذِهِ الْوِلَايَةُ. وَلَنَا، أَنَّهُ قِصَاصٌ غَيْرُ مُتَحَتِّمٍ، ثَبَتَ لَجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، فَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ اسْتِقْلَالًا، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ، أَوْ أَحَدُ بَدَلَيْ النَّفْسِ، فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ بَعْضُهُمْ كَالدِّيَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ فِيهِ حَقًّا أَرْبَعَةُ أُمُورٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا لَاسْتَحَقَّهُ، وَلَوْ نَافَاهُ الصِّغَرُ مَعَ غَيْرِهِ لَنَافَاهُ مُنْفَرِدًا، كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ.
وَالثَّانِي، أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ لَاسْتَحَقَّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute