فَاطِمَةَ لِسَائِرِ النَّاسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ قُدِّرَ التَّعَارُضُ فَتَقْدِيمُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِحَدِيثٍ مُفْرَدٍ، فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ.
[مَسْأَلَةٌ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُمْ بِالنَّهَارِ وَيَبْعَثَ بِهَا إلَيْهِ بِاللَّيْلِ]
(٥٣٤٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُمْ بِالنَّهَارِ، وَيَبْعَثَ بِهَا إلَيْهِ بِاللَّيْلِ، فَالْعَقْدُ وَالشَّرْطُ جَائِزَانِ، وَعَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةُ مُدَّةَ مُقَامِهَا عِنْدَهُ) أَمَّا الشَّرْطُ: فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ الِاسْتِمْتَاعَ إنَّمَا يَكُونُ لَيْلًا، وَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا لَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الْعَقْدِ، فَيَكُونَانِ صَحِيحَيْنِ. وَعَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةُ فِي اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهَا سُلِّمَتْ إلَيْهِ فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ.
وَإِذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَةُ النَّهَارِ عَلَى الزَّوْجِ، وَجَبَتْ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهَا فِي خِدْمَتِهِ حِينَئِذٍ؛ وَلِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي وُجُوبِهَا عَلَى السَّيِّدِ، فَتَكُونُ نَفَقَتُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ الْكُسْوَةُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ، وَلَمْ يُوجَدْ، فَلَمْ يَجِبْ مِنْهَا شَيْءٌ كَالْحُرَّةِ إذَا بَذَلَتْ التَّسْلِيمَ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ دُونَ بَعْضٍ. وَلَنَا أَنَّ النَّفَقَةَ عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ، فَوَجَبَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يَسْتَوْفِيهِ، كَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ، وَفَارَقَتْ الْحُرَّةَ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَيْهَا وَاجِبٌ فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ، فَإِذَا امْتَنَعَتْ مِنْهُ فِي الْبَعْضِ، فَلَمْ تُسَلِّمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا تَسْلِيمُهُ، وَهَاهُنَا قَدْ سَلَّمَ السَّيِّدُ جَمِيعَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.
فَصْلٌ: فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَقَالَ الْقَاضِي: الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ، وَلَهُ اسْتِخْدَامُهَا نَهَارًا، وَعَلَيْهِ إرْسَالُهَا لَيْلًا لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ زَمَانُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مِنْ أَمَتِهِ مَنْفَعَتَيْنِ، مَنْفَعَةَ الِاسْتِخْدَامِ وَالِاسْتِمْتَاعِ، فَإِذَا عَقَدَ عَلَى إحْدَاهُمَا، لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا إلَّا فِي زَمَنِ اسْتِيفَائِهَا، كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا لِلْخِدْمَةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا إلَّا فِي زَمَنِهَا وَهُوَ النَّهَارُ، وَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ إقَامَتِهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ تَبَرَّعَ السَّيِّدُ بِإِرْسَالِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، فَالنَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ تَبَرَّعَ الزَّوْجُ بِتَرْكِهَا عِنْدَ السَّيِّدِ لَيْلًا وَنَهَارًا، لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا عَنْهُ.
وَلَوْ تَبَرُّعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِتَرْكِهَا عِنْدَ الْآخَرِ، وَتَدَافَعَاهَا، كَانَتْ نَفَقَتُهَا كُلُّهَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَقْتَضِي وُجُوبَ النَّفَقَةِ، مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ اسْتِمْتَاعِهَا، عُدْوَانًا أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلِذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا مَعَ تَعَذُّرِ اسْتِمْتَاعِهَا بِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّيِّدِ هَاهُنَا مَنْعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute