للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكْعَةً أَوْ رُكْنًا، فَهَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ، وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالثَّانِي، مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ كَالْمَشْيِ وَالْحَكِّ وَالتَّرَوُّحِ، فَهَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكَثِيرِهِ، وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَلَا يَسْجُدُ لَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ.

الضَّرْبُ الثَّانِي، زِيَادَاتُ الْأَقْوَالِ، وَهِيَ قِسْمَانِ أَيْضًا. أَحَدُهُمَا، مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ، كَالسَّلَامِ وَكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، فَإِذَا أَتَى بِهِ سَهْوًا فَسَلَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، سَجَدَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا، فَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ أَوْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي، مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ يَأْتِيَ بِذِكْرٍ مَشْرُوعٍ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ، كَالْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالتَّشَهُّدِ فِي الْقِيَامِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إذَا فَعَلَهُ سَهْوًا، فَهَلْ يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا، لَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِعَمْدِهِ، فَلَمْ يُشْرَعْ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ، كَتَرْكِ سُنَنِ الْأَفْعَالِ.

وَالثَّانِيَةُ، يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَإِذَا قُلْنَا: يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ. فَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ لِأَنَّهُ جَبْرٌ لِغَيْرِ وَاجِبٍ، فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، كَجَبْرِ سَائِرِ السُّنَنِ. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا السَّهْوُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ السُّجُودُ، مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ السُّجُودِ.

النَّوْعُ الثَّانِي، أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ فِيهَا، كَقَوْلِهِ " آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ " وَقَوْلِهِ فِي التَّكْبِيرِ " اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا " وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا لَا يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى. فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالسُّجُودِ»

[فَصْلٌ جَلَسَ فِي غَيْر مَوْضِع التَّشَهُّد قَدْرَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَة]

(٩١١) فَصْلٌ: وَإِذَا جَلَسَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشَهُّدِ قَدْرَ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ السُّجُودُ، سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>