[مَسْأَلَةٌ مَا جَازَ بَيْعُهُ وَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ جَازَ وَقْفُهُ]
(٤٤٢٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيَصِحُّ الْوَقْفُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَجُوزُ وَقْفُهُ، مَا جَازَ بَيْعُهُ، وَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَكَانَ أَصْلًا يَبْقَى بَقَاءً مُتَّصِلًا، كَالْعَقَارِ، وَالْحَيَوَانَاتِ، وَالسِّلَاحِ، وَالْأَثَاثِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: إنَّمَا الْوَقْفُ فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ، عَلَى مَا وَقَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ فِي مَنْ وَقَفَ خَمْسَ نَخَلَاتٍ عَلَى مَسْجِدٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْحَيَوَانِ، وَلَا الرَّقِيقِ، وَلَا الْكُرَاعِ، وَلَا الْعُرُوضِ، وَلَا السِّلَاحِ، وَالْغِلْمَانِ، وَالْبَقَرِ، وَالْآلَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ تَبَعًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ وَقْفُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ إلَى مُدَّةٍ. وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ رِوَايَتَانِ. وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَأَعْتُدَهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْأَعْتَادُ مَا يُعِدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْكُوبِ وَالسِّلَاحِ وَأْلَةِ الْجِهَادِ. وَرُوِيَ أَنَّ أُمَّ مَعْقِلٍ، «جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبَا مَعْقِلٍ جَعَلَ نَاضِحَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، أَفَأَرْكَبُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارْكَبِيهِ، فَإِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ»
وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ فِيهِ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، فَصَحَّ وَقْفُهُ، كَالْعَقَارِ وَالْفَرَسِ الْحَبِيسِ، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُهُ مَعَ غَيْرِهِ، فَصَحَّ وَقْفُهُ وَحْدَهُ، كَالْعَقَارِ.
(٤٤٢٩) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي رَجُلٍ لَهُ دَارٌ فِي الرَّبَضِ، أَوْ قَطِيعَةٌ، فَأَرَادَ التَّنَزُّهَ مِنْهَا. قَالَ: يَقِفُهَا. قَالَ: الْقَطَائِعُ تَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ إذَا جَعَلَهَا لِلْمَسَاكِينِ. فَظَاهِرُ هَذَا إبَاحَةُ وَقْفِ السَّوَادِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ وَقْفٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ وَقْفَهَا يُطَابِقُ الْأَصْلَ لَا أَنَّهَا تَصِيرُ بِهَذَا الْقَوْلِ وَقْفًا.
[مَسْأَلَةٌ وَقْفُ الْمَشَاعِ]
(٤٤٣٠) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمَشَاعِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute