النَّفَقَةِ، وَكَمَا أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْأَخِ فَكَذَلِكَ الْبَاقِي مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ. وَعَنَدَ مَنْ لَا يَرَى النَّفَقَةَ عَلَى غَيْر عَمُودِي النَّسَبِ، يَجْعَلُ النَّفَقَةَ كُلَّهَا عَلَى الْجَدَّةِ. وَهَذَا أَصْلٌ قَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِيهِ. فَإِنْ اجْتَمَعَ بِنْتٌ وَأُخْتٌ، أَوْ بِنْتٌ وَأَخٌ، أَوْ بِنْتٌ وَعَصَبَةٌ، أَوْ أُخْتٌ وَعَصَبَةٌ، أَوْ أُخْتٌ وَأُمٌّ، أَوْ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ، أَوْ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنهمْ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ فِي ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رَدٌّ أَوْ عَوْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَعَلَى هَذَا تَحْسِبُ مَا أَتَاك مِنْ الْمَسَائِلِ. وَإِنْ اجْتَمَعَ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ، فَهُمَا سَوَاءٌ فِي النَّفَقَةِ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمِيرَاثِ.
[فَصْلٌ اجْتَمَعَ أَبَوَا أُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى أُمِّ الْأُمِّ]
(٦٥٠٠) فَصْلٌ: فَإِنْ اجْتَمَعَ أَبَوَا أُمٍّ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى أُمِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا الْوَارِثَةُ. وَإِنْ اجْتَمَعَ أَبَوَا أَبٍ، فَعَلَى أُمِّ الْأَبِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي عَلَى الْجَدِّ. وَإِنْ اجْتَمَعَ جَدٌّ وَأَخٌ، فَهُمَا سَوَاءٌ. وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أُمٌّ وَأَخٌ وَجَدٌّ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ النَّفَقَةُ عَلَى الْجَدِّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، إلَّا الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى أَصْلِ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ كَانَ فِيمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ خُنْثَى مُشْكِلٌ]
(٦٥٠١) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِيمَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ خُنْثَى مُشْكِلٌ، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ، فَإِنْ انْكَشَفَ بَعْدَ ذَلِكَ حَالُهُ، فَبَانَ أَنَّهُ أَنْفَقَ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، رَجَعَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الْإِنْفَاقِ، وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ أَنْفَقَ أَقَلَّ، رَجَعَ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ ابْنٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى، عَلَيْهِمَا نَفَقَتُهُ، فَأَنْفَقَا عَلَيْهِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْخُنْثَى ابْنٌ رَجَعَ عَلَيْهِ أَخُوهُ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ بَانَ بِنْتًا، رَجَعَتْ عَلَى أَخِيهَا بِفَضْلِ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ أَدَّى مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ، مُعْتَقِدًا وُجُوبَهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ، رَجَعَ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ أَدَّى مَا يَعْتَقِدُهُ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ.
[فَصْلٌ كَانَ لَهُ قَرَابَتَانِ مُوسِرَانِ وَأَحَدُهُمَا مَحْجُوبٌ عَنْ مِيرَاثِهِ بِفَقِيرٍ فَعَلَى مَنْ تَجِبُ النَّفَقَةُ]
(٦٥٠٢) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لَهُ قَرَابَتَانِ مُوسِرَانِ، وَأَحَدُهُمَا مَحْجُوبٌ عَنْ مِيرَاثِهِ بِفَقِيرٍ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَحْجُوبُ مِنْ عَمُودِي النَّسَبِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَجْبَ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ. فَعَلَى هَذَا، إذَا كَانَ لَهُ أَبَوَانِ وَجَدٌّ، وَالْأَبُ مُعْسِرٌ، كَانَ الْأَبُ كَالْمَعْدُومِ، فَيَكُونُ عَلَى الْأُمِّ ثُلُثُ النَّفَقَةِ، وَالْبَاقِي عَلَى الْجَدِّ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ زَوْجَةٌ، فَكَذَلِكَ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا نَفَقَةَ عَلَى الْمَحْجُوبِ. فَلَيْسَ عَلَى الْأُمِّ هَاهُنَا إلَّا رُبْعُ النَّفَقَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَدِّ.
وَإِنْ كَانَ أَبَوَانِ وَأَخَوَانِ وَجَدٌّ، وَالْأَبُ مُعْسِرٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَخَوَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَحْجُوبَانِ، وَلَيْسَا مِنْ عَمُودِي النَّسَبِ، وَيَكُونُ عَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي عَلَى الْجَدِّ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ غَيْرَهُمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْأُمِّ إلَّا السُّدُسُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَبُ مَعْدُومًا، لَمْ تَرِثْ إلَّا السُّدُسَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute