وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» . وَلِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ وَلَدِهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ مَهْرُهَا، وَلَا قِيمَتُهَا كَمَمْلُوكَتِهِ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ صَارَتْ بِهِ الْمَوْطُوءَةُ أُمَّ وَلَدٍ، لَأَمْرٍ لَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِهَا، فَأَشْبَهَ اسْتِيلَادَ مَمْلُوكَتِهِ.
[فَصْلٌ الْوَلَدُ قَدْ وَطِئَ جَارِيَته ثُمَّ وَطِئَهَا أَبُوهُ فَأُوَلِّدهَا]
(٨٨٥٦) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ، ثُمَّ وَطِئَهَا أَبُوهُ فَأَوْلَدَهَا؛ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ ابْنِهِ: إنْ كَانَ الْأَبُ قَابِضًا لَهَا، وَلَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا، فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ فِيهَا شَيْءٌ. قَالَ الْقَاضِي: فَظَاهِرُ هَذَا، أَنَّ الِابْنَ إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا، لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ بِاسْتِيلَادِهَا؛ لِأَنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِوَطْءِ ابْنِهِ لَهَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ، فَأَشْبَهَ وَطْءَ الْأَجْنَبِيِّ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، لَا يَمْلِكُهَا، وَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ. فَأَمَّا وَلَدُهَا، فَيَعْتِقُ عَلَى أَخِيهِ؛ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مِنْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحِلَّ لَهُ، كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ مَمْلُوكَتَهُ الَّتِي وَطِئَهَا ابْنُهُ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، مَعَ كَوْنِهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، فَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، كَمَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا الِابْنُ.
[فَصْلٌ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ]
(٨٨٥٧) فَصْلٌ: وَإِنْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، فَهُوَ زَانٍ، يَلْزَمُهُ الْحَدُّ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُهَا، وَوَلَدُهُ يَعْتِقُ عَلَى جَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ، إذَا قُلْنَا: إنَّ وَلَدَهُ مِنْ الزِّنَى يَعْتِقُ عَلَى أَبِيهِ. وَتَحْرُمُ الْجَارِيَةُ عَلَى الْأَبِ عَلَى التَّأْبِيدِ. وَلَا تَجِبُ بِسَبَبٍ قِيمَتُهَا عَلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ بَيْعَهَا، وَلَا التَّصَرُّفَ فِيهَا بِغَيْرِ الِاسْتِمْتَاعِ فَإِنْ اسْتَوْلَدَهَا الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ مِلْكًا، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْلَدَ مَمْلُوكَتَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ.
[فَصْلٌ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا]
(٨٨٥٨) فَصْلٌ: وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ، ثُمَّ وَطِئَهَا، فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ، وَيُعَزَّزُ. قَالَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُجْلَدُ، وَلَا يُرْجَمُ. يَعْنِي أَنَّهُ يُعَزَّرُ بِالْجَلْدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، لَوَجَبَ الرَّجْمُ إذَا كَانَ مُحْصَنًا. فَإِنْ أَوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْلَدَ مَمْلُوكَتَهُ، وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ.
[فَصْلٌ مَلَكَ رَجُلٌ أُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا]
(٨٨٥٩) فَصْلٌ: وَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ أُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعِ، أَوْ أُخْتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ، لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا. فَإِنْ وَطِئَهَا، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. فِي أَصَحِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute