للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] . وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ نَصِّ الْكِتَابِ بِالرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ. وَأَمَّا الْمِيرَاثُ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا مُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ، فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ فِي الصِّحَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ خَلَا بِهَا، وَقَالَ: لَمَّا أَطَأْهَا. وَصَدَّقَتْهُ، فَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْوَفَاةِ، وَيَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ تَكْفِي فِي ثُبُوتِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.

[فَصْلٌ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَرِضَ فِي عِدَّتِهَا وَمَاتَ بَعْد انْقِضَائِهَا]

(٤٩٨١) فَصْلٌ: وَلَوْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَرِضَ فِي عِدَّتِهَا، وَمَاتَ بَعْد انْقِضَائِهَا، لَمْ تَرِثْهُ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقُ صِحَّةٍ. وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي صِحَّتِهِ، وَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ ابْتَدَأَ طَلَاقَهَا فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهُ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِهَا. وَإِنْ طَلْقَهَا وَاحِدَةً فِي صِحَّتِهِ، وَأُخْرَى فِي مَرَضِهِ، وَلَمْ يُبِنْهَا حَتَّى بَانَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، لَمْ تَرِثْ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْمَرَضِ لَمْ يَقْطَعْ مِيرَاثَهَا، وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي بَيْنُونَتِهَا.

[فَصْلٌ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ فَارْتَدَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا]

(٤٩٨٢) فَصْلٌ: وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ، فَارْتَدَّتْ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، تَرِثُهُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِي الْمَرَضِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ تَرْتَدَّ. وَالثَّانِي، لَا تَرِثُهُ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ مَا يُنَافِي النِّكَاحَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ. وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ، وَرِثَتْهُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا تَرِثُهُ. وَلَنَا، أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فِي الْمَرَضِ، لَمْ تَفْعَلْ مَا يُنَافِي نِكَاحَهَا، مَاتَ زَوْجُهَا فِي عِدَّتِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ تَرْتَدَّ. وَلَوْ ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَرِثَهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ

فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْفُرْقَةَ تُتَعَجَّلُ عَنَدَ اخْتِلَافِ الدِّينِ، لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَرِثَهُ الْآخَرُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصُلُ بِهِ الْبَيْنُونَةُ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: إذَا ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ مَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَرِثَهَا الزَّوْجُ.

[فَصْلٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأُمَّةَ وَالذِّمِّيَّةَ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ عَتَقَتْ الْأَمَةُ ثُمَّ مَاتَ فِي عُدْتهمَا]

(٤٩٨٣) فَصْلٌ: إذَا طَلَّقَ الْمُسْلِمُ الْمَرِيضُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَالذِّمِّيَّةَ طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ الذِّمِّيَّةُ، وَعَتَقَتْ الْأَمَةُ، ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهِمَا، لَمْ تَرِثَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الطَّلَاقِ فَارًّا. وَإِنْ قَالَ لَهُمَا فِي الْمَرَضِ: إذَا عَتَقْت أَنْتِ أَوْ أَسْلَمْت

<<  <  ج: ص:  >  >>