للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٣٩٩)

فَصْلٌ: وَوَقْتُ الْغُسْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، لِقَوْلِهِ: " فَإِذَا أَصْبَحُوا تَطَهَّرُوا ".

قَالَ الْقَاضِي، وَالْآمِدِيُّ: إنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُصِبْ سُنَّةَ الِاغْتِسَالِ؛ لِأَنَّهُ غُسْلُ الصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ فَلَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْفَجْرِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْعِيدِ أَضْيَقُ مِنْ وَقْتِ الْجُمُعَةِ، فَلَوْ وُقِفَ عَلَى الْفَجْرِ رُبَّمَا فَاتَ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّنْظِيفُ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْغُسْلِ فِي اللَّيْلِ لِقُرْبِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَيَكُونَ أَبْلَغَ فِي النَّظَافَةِ، لِقُرْبِهِ مِنْ الصَّلَاةِ.

وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: " تَطَهَّرُوا " لَمْ يَخُصَّ بِهِ الْغُسْلَ، بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَا بَعْدَ الْفَجْرِ.

[مَسْأَلَةٌ السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا يَأْكُلَ فِي الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ]

(١٤٠٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَأَكَلُوا إنْ كَانَ فِطْرًا) السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَا يَأْكُلَ فِي الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا قَالَ: أَنَسٌ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ اسْتَشْهَدَ بِهَا: " وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا ".

وَرُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُفْطِرَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: " حَتَّى يُضَحِّيَ ".

وَلِأَنَّ يَوْمَ الْفِطْرِ يَوْمٌ حَرُمَ فِيهِ الصِّيَامُ عَقِيبَ وُجُوبِهِ، فَاسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ لِإِظْهَارِ الْمُبَادَرَةِ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ فِي الْفِطْرِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَالْأَضْحَى بِخِلَافِهِ.

وَلِأَنَّ فِي الْأَضْحَى شُرِعَ الْأُضْحِيَّةُ وَالْأَكْلُ مِنْهَا، فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ فِطْرُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا. قَالَ أَحْمَدُ: وَالْأَضْحَى لَا يَأْكُلُ فِيهِ حَتَّى يَرْجِعَ إذَا كَانَ لَهُ ذِبْحٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ مِنْ ذَبِيحَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِبْحٌ لَمْ يُبَالِ أَنْ يَأْكُلَ.

(١٤٠١) فَصْلٌ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى التَّمْرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ عَلَيْهِ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا، لِقَوْلِ أَنَسٍ: يَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، وَلِأَنَّ الصَّائِمَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ كَذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ السُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ فِي الْمُصَلَّى]

(١٤٠٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ غَدَوْا إلَى الْمُصَلَّى، مُظْهِرِينَ لِلتَّكْبِيرِ) السُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ فِي الْمُصَلَّى، أَمَرَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ.

وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ: إنْ كَانَ مَسْجِدُ الْبَلَدِ وَاسِعًا، فَالصَّلَاةُ فِيهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ خَيْرُ الْبِقَاعِ وَأَطْهَرُهَا، وَلِذَلِكَ يُصَلِّي أَهْلُ مَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>