قَالَ: إنْ كَلَّمْت عَبْدِي سَعْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَكَلَّمَتْهُ طَلُقَتْ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَعَلَّقَتْ بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ عَبْدًا بِعَيْنِهِ لَمْ تَطْلُقْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَبْدٌ فِي السُّوقِ
وَلَوْ كَانَ فِي فِيهَا تَمْرَةٌ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْتهَا أَوْ أَلْقَيْتهَا أَوْ أَمْسَكْتهَا فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا وَأَلْقَتْ بَعْضَهَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَوَى الْجَمِيعَ لَمْ يَحْنَثْ بِحَالٍ، وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لَإِنْسَانٍ فَأَحْلَفَهُ ظَالِمٌ أَنْ لَيْسَ لِفُلَانِ عِنْدَك وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ: مَا لِفُلَانِ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَيَنْوِي بِمَا " الَّذِي " وَيَبَرُّ فِي يَمِينِهِ
وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَتْ امْرَأَتُهُ مِنْهُ شَيْئًا فَحَلَفَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ: لَتَصْدُقنِي أَسَرَقْت مِنِّي أَمْ لَا؟ وَخَافَتْ أَنْ تَصْدُقَهُ، فَإِنَّهَا تَقُولُ: سَرَقْت مِنْك مَا سَرَقْت مِنْك، وَتَعْنِي الَّذِي سَرَقْت مِنْك: وَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ: هَلْ رَأَيْت فُلَانًا أَوْ لَا؟ ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِرَأَيْتُ أَيْ ضَرَبْت رِئَتَهُ وَذَكَرْتُهُ أَيْ قَطَعْت ذَكَرَهُ، وَمَا طَلَبْت مِنْهُ حَاجَةً أَيْ الشَّجَرَةَ الَّتِي حَبَسَهَا الْحَاجُّ وَلَا أَخَذْت مِنْهُ فَرُّوجًا يَعْنِي الْقَبَاءَ، وَلَا حَصِيرًا وَهُوَ الْحَبْسُ وَأَشْبَاهُ هَذَا فَمَتَى لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا فَحَلَفَ وَعَنَى بِهِ هَذَا تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِمَا عَنَاهُ
وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ عَلَى دَرَجَةٍ فَحَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَنْزِلَ عَنْهَا وَلَا تَصْعَدَ مِنْهَا وَلَا تَقِفَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى سُلَّمٍ آخَرَ، وَتَنْزِلُ إنْ شَاءَتْ أَوْ تَصْعَدُ أَوْ تَقِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نُزُولَهَا إنَّمَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِهَا إنْ كَانَ فِي يَمِينِهِ وَلَا انْتَقَلَتْ عَنْهَا فَإِنَّهَا تُحْمَلُ مُكْرَهَةً وَلَوْ كَانَ فِي سُلَّمٍ وَلَهُ امْرَأَتَانِ إحْدَاهُمَا فِي الْغُرْفَةِ وَالْأُخْرَى فِي الْبَيْتِ السُّفْلَانِيِّ فَحَلَفَ: لَا صَعِدْت إلَى هَذِهِ وَلَا نَزَلْت إلَى الْأُخْرَى، فَإِنَّ السُّفْلَى تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ الْعُلْيَا ثُمَّ يَنْزِلُ إنْ شَاءَ أَوْ يَصْعَدُ.
[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُجَامِعْك الْيَوْمَ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ اغْتَسَلْت مِنْك الْيَوْمَ]
(٦٠٦٩) فَصْلٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْت أَبِي عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُجَامِعْك الْيَوْمَ وَأَنْت طَالِقٌ إنْ اغْتَسَلْت مِنْك الْيَوْمَ قَالَ: يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يُجَامِعُهَا فَإِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ اغْتَسَلَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: اغْتَسَلْت الْمُجَامَعَةَ وَقَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَطَأْك فِي رَمَضَانَ فَسَافَرَ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ وَطِئَهَا قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي؛ لِأَنَّهَا حِيلَةٌ وَلَا تُعْجِبُنِي الْحِيلَةُ فِي هَذَا وَلَا فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا كَرِهَ أَحْمَدُ هَذَا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ الَّذِي يُبِيحُ الْفِطْرَ أَنْ يَكُونَ سَفَرًا مَقْصُودًا مُبَاحًا وَهَذَا لَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَ حِلِّ الْيَمِينِ
وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ وَيُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ سَفَرٌ بَعِيدٌ مُبَاحٌ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ، وَإِرَادَةُ حِلِّ يَمِينِهِ مِنْ الْمَقَاصِدِ الصَّحِيحَةِ وَقَدْ أَبَحْنَا لَمَنْ لَهُ طَرِيقَانِ قَصِيرَةٌ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ، وَبَعِيدَةٌ أَنْ يَسْلُكَ الْبَعِيدَةَ لِيَقْصُرَ فِيهَا الصَّلَاةَ وَيُفْطِرَ مَعَ أَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُ سِوَى التَّرَخُّصِ فَهَاهُنَا أَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute