وَقِيَاسُهُمْ يَبْطُلُ بِمَا إذَا زَنَى بِهَا، فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَعْجَلَ وَطْأَهَا، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ. وَوَجْهُ تَحْرِيمِهَا قَبْلَ قَضَاءِ عِدَّةِ الثَّانِي عَلَيْهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥] وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ يَفْسُدُ بِهِ النَّسَبُ، فَلَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ، كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيِّ.
[فَصْلٌ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّة مِنْ وَطْءٍ فَاسِدٍ]
(٦٣٤٣) فَصْلٌ: وَكُلُّ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَالزَّانِيَةِ، وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ. وَالْأَوْلَى حِلُّ نِكَاحِهَا لِمَنْ هِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ، إنْ كَانَ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحِفْظِ مَائِهِ، وَصِيَانَةِ نَسَبِهِ، وَلَا يُصَانُ مَاؤُهُ الْمُحَرَّمُ عَنْ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ، وَلَا يُحْفَظُ نَسَبَهُ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ أُبِيحَ لِلْمُخْتَلِعَةِ نِكَاحُ مَنْ خَالِعهَا، وَمَنْ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا كَالزَّانِيَةِ، لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا يُفْضِي إلَى اشْتِبَاهِ النَّسَبِ، فَالْوَاطِئُ كَغَيْرِهِ، فِي أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
[مَسْأَلَة الْقَافَة بالتحاق الْوَلَد بِوَالِدِيهِ]
(٦٣٤٤) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا، أُرِيَ الْقَافَةَ وَأُلْحِقَ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ مِنْهُمَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ، وَاعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ بِوَضْعِ حَمْلِهَا؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] . ثُمَّ نَنْظُرُ؛ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا مِنْ فِرَاقِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُ بِوَضْعِهِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ عَنْ الثَّانِي.
وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا زَادَ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ بَانَتْ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُوَ مُلْصَقٌ بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، فَتَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا مِنْ الثَّانِي، ثُمَّ تُتِمُّ عِدَّةَ الْأَوَّلِ. وَتَقَدُّمُ عِدَّةِ الثَّانِي هَاهُنَا عَلَى عِدَّةُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ إنْسَانٍ وَالْعِدَّةُ مِنْ غَيْرِهِ. وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا، وَهُوَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا مِنْ بَيْنُونَتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ، أُرِيَ الْقَافَةَ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْأَوَّلِ، لَحِقَ بِهِ، كَمَا لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ دُونِ الثَّانِي، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالثَّانِي، لَحِقَ بِهِ، وَكَانَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الثَّانِي دُونِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ عَلَى الْقَافَةِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ قَافَةٌ لَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَتَتْ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّانِي، فَعَلَيْهَا أَنْ تُكْمِلَ عِدَّةَ الْأَوَّلِ، لِيَسْقُطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute