«اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ، إذَا أَتَيَا عَلَى الْوَقْتِ، يَغْتَسِلَانِ، وَيُحْرِمَانِ، وَيَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ أَنْ تَغْتَسِلَ لِإِهْلَالِ الْحَجِّ، وَهِيَ حَائِضٌ.
وَإِنْ رَجَتْ الْحَائِضُ الطُّهْرَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ النُّفَسَاءُ، اُسْتُحِبَّ لَهَا تَأْخِيرُ الِاغْتِسَالِ حَتَّى تَطْهُرَ؛ لِيَكُونَ أَكْمَلَ لَهَا، فَإِنْ خَشِيت الرَّحِيلَ قَبْلَهُ، اغْتَسَلَتْ، وَأَحْرَمَتْ.
[مَسْأَلَة مَنْ أُحَرِّم وَعَلَيْهِ قَمِيص خَلَعَهُ وَلَمْ يَشُقّهُ]
(٢٣١٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ خَلَعَهُ، وَلَمْ يَشُقَّهُ) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، أَنَّهُ يَشُقُّ ثِيَابَهُ؛ لِئَلَّا يَتَغَطَّى رَأْسُهُ حِينَ يَنْزِعُ الْقَمِيصَ مِنْهُ. وَلَنَا، مَا رَوَى يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، «كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ، بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَنَظَرَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاعَةً، ثُمَّ سَكَتَ، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِك فَاغْسِلْهُ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِك مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّك» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ. قَالَ عَطَاءٌ: كُنَّا قَبْلَ أَنْ نَسْمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ نَقُولُ فِي مَنْ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ جُبَّةٌ، فَلْيَخْرِقْهَا عَنْهُ. فَلَمَّا بَلَغَنَا هَذَا الْحَدِيثُ، أَخَذْنَا بِهِ، وَتَرَكْنَا مَا كُنَّا نُفْتِي بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَلِأَنَّ فِي شَقِّ الثَّوْبِ إضَاعَةَ مَالِيَّتِهِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. (٢٣١٦) فَصْلٌ: وَإِذَا نَزَعَ فِي الْحَالِ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُر الرَّجُلَ بِفِدْيَةٍ.
وَإِنْ اسْتَدَامَ اللُّبْسَ بَعْدَ إمْكَانِ نَزْعِهِ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ مُحَرَّمٌ كَابْتِدَائِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الرَّجُلَ بِنَزْعِ جُبَّتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِفِدْيَةٍ لِمَا مَضَى فِيمَا نَرَى؛ لِأَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، فَجَرَى مَجْرَى النَّاسِي.
[مَسْأَلَة أَشْهُر الْحَجّ]
(٢٣١٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَأَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَشْهُرُ الْحَجِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute