للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ مُنَافٍ لَهُ. وَإِنْ اشْتَرَاهُ الْمُوَكِّلُ مِنْهُ لَمْ تَبْطُلْ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَهُ لَا يُنَافِي إذْنَهُ لَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ.

[فَصْلٌ وَكَّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فِيمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ]

(٣٧٨٠) فَصْلٌ: وَإِنْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فِيمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، صَحَّ تَوْكِيلُهُ، سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْتَأْمَنًا، أَوْ حَرْبِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الدِّينُ، كَالْبَيْعِ. وَإِنْ وَكَّلَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ، لَمْ تَبْطُلْ الْوَكَالَةُ، سَوَاءٌ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ أَقَامَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ.

وَلَنَا، أَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ، فَلَمْ تَبْطُلْ وَكَالَتُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ وَكَالَتِهِ فَلَمْ تَمْنَعْ اسْتِدَامَتَهَا، كَسَائِرِ الْكُفْرِ. وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ، لَمْ تَبْطُلْ الْوَكَالَةُ فِيمَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، فَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي مَالِهِ، فَيَنْبَنِي عَلَى تَصَرُّفِهِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ. لَمْ يَبْطُلْ تَوْكِيلُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ مَوْقُوفٌ. فَوَكَالَتُهُ مَوْقُوفَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: يَبْطُلُ تَصَرُّفُهُ. بَطَلَ تَوْكِيلُهُ. وَإِنْ وَكَّلَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، فَفِيهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا.

[فَصْلٌ وَكَّلَ رَجُلًا فِي نَقْلِ امْرَأَتِهِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِطَلَاقِ الزَّوْجَةِ]

(٣٧٨١) فَصْلٌ: وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي نَقْلِ امْرَأَتِهِ، أَوْ بَيْعِ عَبْدِهِ، أَوْ قَبْضِ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ، فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِطَلَاقِ الزَّوْجَةِ، وَعِتْقِ الْعَبْدِ، وَانْتِقَالِ الدَّارِ عَنْ الْمُوَكِّلِ، بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهُ زَالَ تَصَرُّفُ الْمُوَكِّلِ، فَزَالَتْ وَكَالَتُهُ.

[فَصْلٌ تَلَفِ الْعَيْنُ الَّتِي وَكَّلَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا]

(٣٧٨٢) فَصْلٌ: وَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الَّتِي وَكَّلَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، بَطَلَتْ، الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا ذَهَبَ، فَذَهَبَتْ الْوَكَالَةُ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ فَمَاتَ. وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا، وَوَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِهِ، فَهَلَكَ الدِّينَارُ، أَوْ ضَاعَ، أَوْ اسْتَقْرَضَهُ الْوَكِيلُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ، بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، سَوَاءٌ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ أَوْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ، فَقَدْ اسْتَحَالَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ، فَبَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ مُطْلَقًا، وَنَقَدَ الدِّينَارَ، بَطَلَتْ، أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَنْقُدَهُ ثَمَنَ ذَلِكَ الْبَيْعِ، إمَّا قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِتَلَفِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ شِرَاؤُهُ، لَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ ثَمَنٌ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَا رَضِيَ بِلُزُومِهِ

وَإِذَا اسْتَقْرَضَهُ الْوَكِيلُ، ثُمَّ عَزَلَ دِينَارًا عِوَضَهُ، وَاشْتَرَى بِهِ، فَهُوَ كَالشِّرَاءِ لَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بَطَلَتْ، وَالدِّينَارُ الَّذِي عَزَلَهُ عِوَضًا لَا يَصِيرُ لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، فَإِذَا اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ بِهِ شَيْئًا وَقَفَ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ أَجَازَهُ صَحَّ وَلَزِمَ الثَّمَنُ، وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ. وَعَنْهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ. بِكُلِّ حَالٍ.

وَقَالَ الْقَاضِي: مَتَى اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ شَيْئًا، فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِ مَالِهِ مَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: مَتَى اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ شَيْئًا، صَحَّ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>