[كِتَاب الشَّهَادَاتِ]
ِ وَالْأَصْلُ فِي الشَّهَادَاتِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْعِبْرَةُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] . {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] .
وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حَجَرٍ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْت، وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي. فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي، وَفِي يَدِي، وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَضْرَمِيِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ . قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَكَ يَمِينُهُ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: لَيْسَ لَك مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ. قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ لِيَحْلِفَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَدْبَرَ: لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَزْرَمِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَالْعَزْرَمِيُّ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، ضَعَّفَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ، إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ. وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى الشَّهَادَةِ لِحُصُولِ التَّجَاحُدِ بَيْنَ النَّاسِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا. قَالَ شُرَيْحٌ: الْقَضَاءُ جَمْرٌ، فَنَحِّهِ عَنْك بِعُودَيْنِ. يَعْنِي الشَّاهِدَيْنِ. وَإِنَّمَا الْخَصْمُ دَاءٌ، وَالشُّهُودُ شِفَاءٌ، فَأُفْرِغْ الشِّفَاءَ عَلَى الدَّاءِ.
[فَصْلٌ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا]
(٨٣٣٠) فَصْلٌ: وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute