مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ شُرَحْبِيلُ: أَمِنْ جُبْنٍ عَزَلْتنِي، أَوْ خِيَانَةٍ؟ قَالَ: مِنْ كُلٍّ لَا، وَلَكِنْ أَرَدْت رَجُلًا أَقْوَى مِنْ رَجُلٍ.
وَعَزَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ.
وَقَدْ كَانَ يُوَلِّي بَعْضَ الْوُلَاةِ الْحُكْمَ مَعَ الْإِمَارَةِ، فَوَلَّى أَبَا مُوسَى الْبَصْرَةَ قَضَاءَهَا وَإِمْرَتَهَا.
ثُمَّ كَانَ يَعْزِلُهُمْ هُوَ، وَمَنْ لَمْ يَعْزِلْهُ، عَزَلَهُ عُثْمَانُ بَعْدَهُ إلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ. فَعَزْلُ الْقَاضِي أَوْلَى، وَيُفَارِقُ عَزْلَهُ بِمَوْتِ مَنْ وَلَّاهُ أَوْ عَزَلَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا، وَهَا هُنَا لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْزِلُ قَاضِيًا حَتَّى يُوَلِّيَ آخَرَ مَكَانَهُ، وَلِهَذَا لَا يَنْعَزِلُ الْوَالِي بِمَوْتِ الْإِمَامِ، وَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي عَزْلِهِ بِالْمَوْتِ أَيْضًا وَجْهَيْنِ، وَالْأَوْلَى، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، مَا ذَكَرْنَاهُ.
فَأَمَّا إنْ تَغَيَّرَتْ حَالُ الْقَاضِي؛ بِفِسْقٍ، أَوْ زَوَالِ عَقْلٍ، أَوْ مَرَضٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقَضَاءِ، أَوْ اخْتَلَّ فِيهِ بَعْضُ شُرُوطِهِ، فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ عَزْلُهُ، وَجْهًا وَاحِدًا.
[فَصْل وَلِلْإِمَامِ تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ فِي بَلَدِهِ وَغَيْرِهِ]
(٨٢٩١) فَصْلٌ: وَلِلْإِمَامِ تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ فِي بَلَدِهِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَّى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الْقَضَاءَ، وَوَلَّى عَلِيًّا وَمُعَاذًا.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لِابْنِ عُمَرَ: إنَّ أَبَاك قَدْ كَانَ يَقْضِي وَهُوَ خَيْرٌ مِنْك. قَالَ: إنَّ أَبِي قَدْ كَانَ يَقْضِي، وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، سَأَلَ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، فِي كِتَابِ " قُضَاةِ الْبَصْرَةِ ".
وَرَوَى سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ " عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. قَالَ: «جَاءَ خَصْمَانِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِي: يَا عَمْرُو، اقْضِ بَيْنَهُمَا. قُلْت: أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إنْ أَصَبْت الْقَضَاءَ بَيْنَهُمَا، فَلَكَ