عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً أَوْ اشْتَرَى خَادِمًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ. وَإِذَا اشْتَرَى بَعِيرًا، فَلْيَأْخُذْ بِذُرْوَةِ سَنَامِهِ، وَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ.»
[لَيْسَ لِلْحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ]
(٥٣٠٦) ؛ قَالَ: (وَلَيْسَ لِلْحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَهُ مِنْهُمْ، إلَّا شَيْئًا يُحْكَى عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ أَبَاحَ تِسْعًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] . وَالْوَاوُ لِلْجَمْعِ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ عَنْ تِسْعٍ. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَتَرْكٌ لِلسُّنَّةِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ، حِينَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» .
وَقَالَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: «أَسْلَمْت وَتَحْتِي خَمْسُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَارِقْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ.» رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ، فِي " مُسْنَدِهِ ". وَإِذَا مُنِعَ مِنْ اسْتِدَامَةِ زِيَادَةٍ عَنْ أَرْبَعٍ، فَالِابْتِدَاءُ أَوْلَى، فَالْآيَةُ أُرِيدَ بِهَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ، كَمَا قَالَ: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: ١] . وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ لِكُلِّ مَلَكٍ تِسْعَةَ أَجْنِحَةٍ، وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَقَالَ: تِسْعَةً.
وَلَمْ يَكُنْ لِلتَّطْوِيلِ مَعْنًى، وَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَقَدْ جَهِلَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ. وَأَمَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَخْصُوصٌ بِذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ.
[لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ اثْنَتَيْنِ]
(٥٣٠٧) ؛ قَالَ: (وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَجْمَعَ إلَّا اثْنَتَيْنِ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ اثْنَتَيْنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي إبَاحَةِ الْأَرْبَعِ، فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا اثْنَتَانِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute