تَطْلِيقَاتٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا تَجَزَّأَ بِالْحِسَابِ إنَّمَا جَعَلَ لَهُ نِكَاحَ ثَلَاثٍ لِأَنَّ عَدَدَ الْمَنْكُوحَاتِ يَتَبَعَّضُ فَوَجَبَ أَنْ يَتَبَعَّضَ فِي حَقِّهِ كَالْحَدِّ فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ نِصْفَ مَا يَنْكِحُ الْحُرُّ وَنِصْفَ مَا يَنْكِحُ الْعَبْدُ وَذَلِكَ ثَلَاثٌ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَلَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى حَالِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَكَمُلَ فِي حَقِّهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إثْبَاتُ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ كُلِّ مُطَلِّقٍ، وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي مَنْ كَمُلَ الرِّقُّ فِي حَقِّهِ فَفِي مَنْ عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.
[فَصْلٌ طَلَّقَ الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ]
(٦٠٥٩) فَصْلٌ: إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ زَوْجَتُهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ تَحْرِيمًا لَا يَنْحَلُّ إلَّا بِزَوْجٍ وَإِصَابَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَلَا يَزُولُ التَّحْرِيمُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَتَبْقَى عِنْدَهُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَمْلُوكَيْنِ: «إذَا طَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا» وَقَالَ: لَا أَرَى شَيْئًا يَدْفَعُهُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ يَقُولُ بِهِ؛ أَبُو سَلَمَةَ وَجَابِرٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي " الْمُسْنَدِ " وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ الْأَوَّلُ، وَقَالَ: حَدِيثُ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ جَيِّدٌ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ عَمْرُو بْنُ مُغِيثٍ وَلَا أَعْرِفُهُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ أَبُو حَسَنٍ هَذَا؟ لَقَدْ حَمَلَ صَخْرَةً عَظِيمَةً مُنْكِرًا لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا أَبُو حَسَنٍ فَهُوَ عِنْدِي مَعْرُوفٌ وَلَكِنْ لَا أَعْرِفُ عَمْرَو بْنَ مُغِيثٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فَالْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَالْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ وَبِهِ أَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute