إحْدَاهَا، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ انْتِظَارُهُ، إنْ كَانَ نِسْيَانُهُ فِي زِيَادَةٍ يَأْتِي بِهَا، وَإِنْ فَارَقُوهُ وَسَلَّمُوا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ.
وَالثَّانِيَةُ: يُتَابِعُونَهُ فِي الْقِيَامِ، اسْتِحْسَانًا. وَالثَّالِثَةُ: لَا يُتَابِعُونَهُ، وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَهُ، لَكِنْ يَنْتَظِرُونَهُ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ. وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُخْطِئٌ فِي تَرْكِ مُتَابَعَتِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ عَلَى الْخَطَأِ. الْحَالُ الثَّانِي: إنْ تَابَعُوهُ جَهْلًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَابَعُوهُ فِي التَّسْلِيمِ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَفِي الْخَامِسَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ. وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّك صَلَّيْتَ رَكَعَاتٍ ثَلَاثًا. قَالَ أَكَذَاكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَرَجَعَ فَصَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ صَلَّى بِنَا عَلْقَمَةُ الظُّهْرَ خَمْسًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ الْقَوْمُ: يَا أَبَا شِبْلٍ، قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا. قَالَ: كَلًّا، مَا فَعَلْتُ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: وَكُنْتُ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ وَأَنَا غُلَامٌ، فَقُلْت: بَلَى قَدْ صَلَّيْت خَمْسًا. قَالَ لِي: يَا أَعْوَرُ، وَأَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ أَيْضًا؟ قُلْت: نَعَمْ. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. فَلَمْ يَأْمُرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ بِالْإِعَادَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُمْ لَمْ تَبْطُلْ بِمُتَابَعَتِهِمْ. وَمَتَى عَمِلَ الْإِمَامُ بِغَالِبِ ظَنِّهِ، فَسَبَّحَ بِهِ الْمَأْمُومُونَ، فَرَجَعَ إلَيْهِمْ، فَإِنَّ سُجُودَهُ قَبْلَ السَّلَامِ لِمَا فَعَلَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا.
قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ، عَنْ رَجُلٍ جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْفَجْرِ، فَسَبَّحُوا بِهِ فَقَامَ، مَتَى يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؟ فَقَالَ: قَبْلَ السَّلَامِ. (٨٩٩) فَصْلٌ: فَإِنْ سَبَّحَ بِالْإِمَامِ وَاحِدٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَى قَوْلِهِ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، فَيَعْمَلَ بِغَالِبِ ظَنِّهِ، لَا بِتَسْبِيحِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَ ذِي الْيَدَيْنِ وَحْدَهُ، فَإِنْ سَبَّحَ فُسَّاقٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَى قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ. وَإِنْ افْتَرَقَ الْمَأْمُومُونَ طَائِفَتَيْنِ، وَافَقَهُ قَوْمٌ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ، سَقَطَ قَوْلُهُمْ؛ لِتَعَارُضِهِمْ، كَالْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا. وَمَتَى لَمْ يَرْجِعْ، وَكَانَ الْمَأْمُومُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ، لَمْ يُتَابِعْهُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا. وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَظِرَهُ هَاهُنَا، لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ، صَحِيحَةٌ، لَمْ تَفْسُدْ بِزِيَادَةٍ، فَيَنْتَظِرُهُ كَمَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ الْمَأْمُومِينَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ.
[مَسْأَلَة سُجُود السَّهْوِ قَبْل السَّلَامِ أُمّ بَعْده]
(٩٠٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَمَا عَدَا هَذَا مِنْ السَّهْوِ فَسُجُودُهُ قَبْلَ السَّلَامِ، مِثْلُ الْمُنْفَرِدِ إذَا شَكَّ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، فَبَنَى عَلَى الْيَقِينِ، أَوْ قَامَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ، أَوْ جَلَسَ فِي مَوْضِعِ قِيَامٍ، أَوْ جَهَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute