للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ انْتَشَرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ بِتَذَكُّرٍ أَوْ رُؤْيَةٍ، لَا غُسْلَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَذْيٌ، وَقَدْ وُجِدَ سَبَبُهُ، فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مَعَ الشَّكِّ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ؛ لِخَبَرِ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ احْتِلَامٌ. وَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَاضِعَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: لَا غُسْلَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوقِنَ الدَّافِقَ. قَالَ قَتَادَةُ: يَشُمُّهُ. وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ؛ وَلِأَنَّ الْيَقِينَ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. وَالْأَوْلَى الِاغْتِسَالُ؛ لِمُوَافَقَةِ الْخَبَرِ، وَإِزَالَةِ الشَّكِّ.

[فَصْلٌ رَأَى فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا وَكَانَ مِمَّا لَا يَنَامُ فِيهِ غَيْرُهُ]

(٢٨٤) فَصْلٌ: فَإِنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا، وَكَانَ مِمَّا لَا يَنَامُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ اغْتَسَلَا حِينَ رَأَيَاهُ فِي ثَوْبِهِمَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إلَّا مِنْهُ، وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْدَثِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ إلَّا أَنْ يَرَى أَمَارَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَهَا فَيُعِيدُ مِنْ أَدْنَى نَوْمَةٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَ الرَّائِي لَهُ غُلَامًا يُمْكِنُ وُجُودُ الْمَنِيِّ مِنْهُ، كَابْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، فَهُوَ كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ دَلِيلُهُ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُودِ.

وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ، فَيَتَعَيَّنُ، حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ. فَأَمَّا إنْ وَجَدَ الرَّجُلُ مَنِيًّا فِي ثَوْبٍ يَنَامُ فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ، فَلَا غُسْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مُفْرَدًا يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ، فَوُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْثَمَ بِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا جُنُبٌ يَقِينًا، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُمَا، كَمَا لَوْ سَمِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَوْتَ رِيحٍ، يَظُنُّ أَنَّهَا مِنْ صَاحِبِهِ، أَوْ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هِيَ.

[فَصْلٌ وَطِئَ امْرَأَتَهُ دُونَ الْفَرَجِ فَدَبَّ مَاؤُهُ إلَى فَرْجِهَا ثُمَّ خَرَجَ]

(٢٨٥) فَصْلٌ: إذَا وَطِئَ امْرَأَتَهُ دُونَ الْفَرْجِ، فَدَبَّ مَاؤُهُ إلَى فَرْجِهَا ثُمَّ خَرَجَ، أَوْ وَطِئَهَا فِي الْفَرْجِ، فَاغْتَسَلَتْ، ثُمَّ خَرَجَ مَاءُ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِهَا، فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا. وَبِهَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: تَغْتَسِلُ؛ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ خَرَجَ فَأَشْبَهَ مَاءَهَا. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنِيَّهَا، فَأَشْبَهَ غَيْرَ الْمَنِيِّ.

[مَسْأَلَةُ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ]

(٢٨٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ) يَعْنِي: تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ، سَوَاءٌ كَانَا مُخْتَتِنَيْنِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ أَصَابَ مَوْضِعُ الْخِتَانِ مِنْهُ مَوْضِعَ خِتَانِهَا أَوْ لَمْ يُصِبْهُ. وَلَوْ مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ مِنْ غَيْرِ إيلَاجٍ فَلَا غُسْلَ بِالِاتِّفَاقِ وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، يَقُولُونَ: لَا غُسْلَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>