: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] . وَقِيلَ: الصِّغَارُ الْتِزَامُهُمْ الْجِزْيَةَ، وَجَرَيَانُ أَحْكَامِنَا عَلَيْهِمْ.
وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إرْسَالُهَا، بَلْ يَحْضُرُ الذِّمِّيُّ بِنَفْسِهِ بِهَا، وَيُؤَدِّيهَا وَهُوَ قَائِمٌ وَالْآخِذُ جَالِسٌ، وَلَا يَشْتَطُّ عَلَيْهِمْ فِي أَخْذِهَا، وَلَا يُعَذَّبُونَ إذَا أَعْسَرُوا عَنْ أَدَائِهَا؛ فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَحْسَبُهُ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَقَالَ: إنِّي لَأَظُنُّكُمْ قَدْ أَهْلَكْتُمْ النَّاسَ. قَالُوا: لَا وَاَللَّهِ، مَا أَخَذْنَا إلَّا عَفْوًا صَفْوًا. قَالَ: بِلَا سَوْطٍ وَلَا بَوْطٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى يَدِي، وَلَا فِي سُلْطَانِي. وَقَدِمَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حِذْيَمٍ، فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: سَبَقَ سَيْلُك مَطَرَك، إنْ تُعَاقِبْ نَصْبِرْ، وَإِنْ تَعْفُ نَشْكُرْ، وَإِنْ تَسْتَعْتِبْ نَعْتِبْ. فَقَالَ: مَا عَلَى الْمُسْلِمِ إلَّا هَذَا مَا لَك تُبْطِئُ بِالْخَرَاجِ؟ فَقَالَ: أَمَرْتنَا أَنْ لَا نَزِيدَ الْفَلَّاحِينَ عَلَى أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، فَلَسْنَا نَزِيدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ نُؤَخِّرُهُمْ إلَى غَلَّاتِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: لَا أَعْزِلَنَّك مَا حَيِيت. رَوَاهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ. .
وَقَالَ: إنَّمَا وَجْهُ التَّأْخِيرِ إلَى الْغَلَّةِ الرِّفْقُ بِهِمْ قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ فِي اسْتِيدَاءِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ وَقْتًا غَيْرَ هَذَا. وَاسْتَعْمَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَجُلًا عَلَى عُكْبَرَى، فَقَالَ لَهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ: لَا تَدَعْنَ لَهُمْ دِرْهَمًا مِنْ الْخَرَاجِ. وَشَدَّدَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ، ثُمَّ قَالَ: الْقَنِي عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ. فَأَتَاهُ فَقَالَ: إنِّي كُنْت أَمَرْتُك بِأَمْرٍ، وَإِنِّي أَتَقَدَّمُ إلَيْك الْآنَ، فَإِنْ عَصَيْتنِي نَزَعْتُك، لَا تَبِيعَن لَهُمْ فِي خَرَاجِهِمْ حِمَارًا، وَلَا بَقَرَةً، وَلَا كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ، وَارْفُقْ بِهِمْ، وَافْعَلْ بِهِمْ.
[فَصْلٌ: فِي الرَّجُل لَهُ الْمَرْأَةُ النَّصْرَانِيَّةُ لَا يَأْذَنُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَى عِيدٍ أَوْ تَذْهَبَ إلَى بِيعَة]
(٧٧٠٤) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي الرَّجُلِ لَهُ الْمَرْأَةُ النَّصْرَانِيَّةُ: لَا يَأْذَنُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَى عِيدٍ، أَوْ تَذْهَبَ إلَى بِيعَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ فِي الْأَمَةِ. قِيلَ لَهُ: وَأَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا شُرْبَ الْخَمْرِ؟ قَالَ: يَأْمُرُهَا، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ طَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا زُنَّارًا؟ قَالَ: لَا يَشْتَرِي زُنَّارًا، وَتَخْرُجُ هِيَ تَشْتَرِي لِنَفْسِهَا. وَسُئِلَ عَنْ الذِّمِّيِّ يُعَامِلُ بِالرِّبَا، وَيَبِيعُ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ، ثُمَّ يُسْلِمُ، وَذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، فَقَالَ: لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُضِيُّ حَالِ كُفْرِهِ، فَأَشْبَهَ نِكَاحَهُمْ فِي الْكُفْرِ إذَا أَسْلَمَ.
وَسُئِلَ عَنْ الْمَجُوسِيَّيْنِ يَجْعَلَانِ وَلَدَهُمَا مُسْلِمًا، فَيَمُوتُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ؟ فَقَالَ: يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» . يَعْنِي أَنَّ هَذَيْنِ لَمْ يُمَجِّسَاهُ، فَيَبْقَى عَلَى الْفِطْرَةِ. وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute