للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الطَّلَاقِ] [فَصْلٌ الطَّلَاقُ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ]

ِ الطَّلَاقُ: حِلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ. وَهُوَ مَشْرُوعٌ، وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] . وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] . وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَى «ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فِي آيٍ وَأَخْبَارٍ سِوَى هَذَيْنِ كَثِيرٍ.

وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِ الطَّلَاقِ، وَالْعِبْرَةُ دَالَّةٌ عَلَى جَوَازِهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا فَسَدَتْ الْحَالُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَيَصِيرُ بَقَاءُ النِّكَاحِ مَفْسَدَةً مَحْضَةً، وَضَرَرًا مُجَرَّدًا بِإِلْزَامِ الزَّوْجِ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى، وَحَبْسِ الْمَرْأَةِ، مَعَ سُوءِ الْعِشْرَةِ، وَالْخُصُومَةِ الدَّائِمَةِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ شَرْعَ مَا يُزِيلُ النِّكَاحَ، لِتَزُولَ الْمَفْسَدَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْهُ. (٥٨١٤) فَصْلٌ: وَالطَّلَاقُ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ؛ وَاجِبٌ، وَهُوَ طَلَاقُ الْمُولِي بَعْدَ التَّرَبُّصِ إذَا أَبَى الْفَيْئَةَ، وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ، إذَا رَأَيَا ذَلِكَ. وَمَكْرُوهٌ، وَهُوَ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَإِعْدَامٌ لِلْمَصْلَحَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ، فَكَانَ حَرَامًا، كَإِتْلَافِ الْمَالِ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . وَالثَّانِيَةُ، أَنَّهُ مُبَاحٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ.» وَفِي لَفْظٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>