للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْنِي مَا اشْتَرَيْت أَوْ قَاسِمْنِي]

(٤٠٢٦) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْنِي مَا اشْتَرَيْت. أَوْ قَاسِمْنِي. بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِشِرَائِهِ وَتَرْكِهِ لِلشُّفْعَةِ. وَإِنْ قَالَ: صَالِحْنِي عَلَى مَالٍ. سَقَطَتْ. أَيْضًا.

وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِإِسْقَاطِهَا، وَإِنَّمَا رَضِيَ بِالْمُعَاوَضَةِ عَنْهَا، وَلَمْ تَثْبُتْ الْمُعَاوَضَةُ، فَبَقِيَتْ الشُّفْعَةُ. وَلَنَا، أَنَّهُ رَضِيَ بِتَرْكِهَا، وَطَلَبَ عِوَضَهَا، فَثَبَتَ التَّرْكُ الْمَرْضِيُّ بِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْعِوَضُ. كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْنِي. فَلَمْ يَبِعْهُ. وَلِأَنَّ تَرْكَ الْمُطَالَبَةِ بِهَا كَافٍ فِي سُقُوطِهَا، فَمَعَ طَلَبِ عِوَضِهَا أَوْلَى.

وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ كَهَذَيْنِ. فَإِنْ صَالَحَهُ عَنْهَا بِعِوَضٍ، لَمْ يَصِحَّ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ إزَالَةِ مِلْكٍ، فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَتَمْلِيكِ امْرَأَةٍ أَمْرَهَا. وَلَنَا، أَنَّهُ خِيَارٌ لَا يَسْقُطُ إلَى مَالٍ، فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ، كَخِيَارِ الشَّرْطِ. وَيَبْطُلُ مَا قَالَهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ. وَأَمَّا الْخُلْعُ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ عَمَّا مَلَكَهُ بِعِوَضٍ، وَهَا هُنَا بِخِلَافِهِ.

[فَصْلٌ قَالَ الشَّفِيع آخُذُ نِصْفَ الشِّقْصِ]

(٤٠٢٧) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: آخُذُ نِصْفَ الشِّقْصِ. سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. وَبِهَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ بِبَعْضِهَا طَلَبٌ بِجَمِيعِهَا، لِكَوْنِهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ بَعْضِهَا.

وَلَنَا، أَنَّهُ تَارِكٌ لِطَلَبِ بَعْضِهَا، فَيَسْقُطُ، وَيَسْقُطُ بَاقِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ. وَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَهُ؛ فَإِنَّ طَلَبَ بَعْضِهَا لَيْسَ بِطَلَبٍ لِجَمِيعِهَا، وَمَا لَا يَتَبَعَّضُ لَا يَثْبُتُ حَتَّى يَثْبُتَ السَّبَبُ فِي جَمِيعِهِ، كَالنِّكَاحِ. وَيُخَالِفُ السُّقُوطَ؛ فَإِنَّ الْجَمِيعَ يَسْقُطُ بِوُجُودِ السَّبَبِ فِي بَعْضِهِ، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.

[فَصْلٌ أَخَذَ الشَّفِيع الشِّقْصَ بِثَمَنِ مَغْصُوبٍ]

(٤٠٢٨) فَصْلٌ: وَإِنْ أَخَذَ الشِّقْصَ بِثَمَنٍ مَغْصُوبٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ اسْتَحَقَّ الشِّقْصَ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِذَا عَيَّنَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، سَقَطَ التَّعْيِينُ، وَبَقِيَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الذِّمَّةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَّرَ الثَّمَنَ، أَوْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا آخَرَ، وَنَقَدَ فِيهِ ثَمَنًا مَغْصُوبًا. وَالثَّانِي، تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ لِلشِّقْصِ بِمَا لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ بِهِ تَرْكٌ لَهُ، وَإِعْرَاضٌ عَنْهُ، فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الطَّلَبَ بِهَا.

[فَصْلٌ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ فَبَاعَ نَصِيبَهُ عَالِمًا بِذَلِكَ]

(٤٠٢٩) فَصْلٌ: وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ، فَبَاعَ نَصِيبَهُ عَالِمًا بِذَلِكَ، سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِلْكٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ، وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ لَهُ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالشَّرِكَةِ عَنْهُ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِبَيْعِهِ. وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>