[فَصْلٌ عِنْدَهُ رُهُونٌ أَتَى عَلَيْهَا زَمَانٌ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا]
(٤٥٢٣) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي مَنْ عِنْدَهُ رُهُونٌ، قَدْ أَتَى عَلَيْهَا زَمَانٌ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا: يَبِيعُهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا غَرِمَهَا لَهُ. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْفَى دُيُونَهُ الَّتِي رَهَنَ الرَّهْنَ بِهَا، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ دَيْنَهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهَا، بَاعَهَا، وَاسْتَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهَا، وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهَا، رَفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ لِيَبِيعَهَا، وَيُقْبِضَهُ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهَا، وَيَتَصَدَّقَ بِبَاقِيهِ.
[فَصْلٌ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالسَّاكِنُ فِي دَفْنٍ فِي الدَّارِ]
(٤٥٢٤) فَصْلٌ: نَقَلَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ، إذَا تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالسَّاكِنُ فِي دَفْنٍ فِي الدَّارِ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا دَفَنْته. بَيَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا الَّذِي دَفَنَ، فَكُلُّ مَنْ أَصَابَ الْوَصْفَ فَهُوَ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يُوجَد فِي الْأَرْضِ مِنْ الدَّفْنِ مِمَّا عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَاللُّقَطَةُ تُسْتَحَقُّ بِوَصْفِهَا، وَلِأَنَّ الْمُصِيبَ لِلْوَصْفِ فِي الظَّاهِرِ هُوَ مَنْ كَانَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ، كَمَا لَوْ تَنَازَعَهُ أَجْنَبِيَّانِ، فَوَصَفَهُ أَحَدُهُمَا.
[فَصْلٌ وَجَدَ لُقَطَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ]
(٤٥٢٥) فَصْلٌ: وَمَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَيْشِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يُعَرِّفُهَا سَنَةً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ يَطْرَحُهَا فِي الْمَقْسِمِ. إنَّمَا عَرَّفَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ أَهْلِ الْحَرْبِ مُبَاحَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِمُسْلِمٍ، وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ الْمُقَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِتَعْرِيفِهَا. وَمَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - يُتَمِّمُ التَّعْرِيفَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا ابْتِدَاءُ التَّعْرِيفِ فَيَكُونُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي هُوَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِأَحَدِهِمْ، فَإِذَا قَفَلَ أَتَمَّ التَّعْرِيفَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا فِي دَارِهِمْ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ تُعْرَفْ، مَلَكَهَا كَمَا يَمْلِكُهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ
وَإِنْ كَانَ فِي الْجَيْشِ، طَرَحَهَا فِي الْمَقْسِمِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهَا بِقُوَّةِ الْجَيْشِ، فَأَشْبَهَتْ مُبَاحَاتِ دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا. وَإِنْ دَخَلَ إلَيْهِمْ مُتَلَصِّصًا، فَوَجَدَ لُقَطَةً، عَرَّفَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ مُبَاحَةٌ لَهُ، ثُمَّ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ غَنِيمَتِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ غَنِيمَةً لَهُ، لَا تَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَأَمْوَالُهُمْ غَنِيمَةٌ.
[مَسْأَلَة مَوْتِ الْمُلْتَقِطُ]
(٤٥٢٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ قَدْ مَاتَ، فَصَاحِبُهَا غَرِيمٌ بِهَا) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا مَاتَ، وَاللُّقَطَةُ مَوْجُودَةٌ بِعَيْنِهَا، قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي إتْمَامِ تَعْرِيفِهَا إنْ مَاتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute