وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الْحَقَائِقِ، فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى. إذَا أَدْرَكْنَ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فِي " الْغَرِيبِ ".
وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَصَبَاتِهَا فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ.
[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عُصْبَة مِنْ نَسَبِهَا فِي وِلَايَة النِّكَاح]
(٥١٥٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ بِهِ. لَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ مِنْ نَسَبِهَا، أَنَّ مَوْلَاهَا يُزَوِّجُهَا، وَلَا فِي أَنَّ الْعَصَبَةَ الْمُنَاسِبَ أَوْلَى مِنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ مَوْلَاتِهِ، يَرِثُهَا وَيَعْقِلُ عَنْهَا عِنْدَ عَدَمِ عَصَبَاتِهَا، فَلِذَلِكَ يُزَوِّجُهَا، وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُنَاسِبُونَ كَمَا قُدِّمُوا عَلَيْهِ فِي الْإِرْثِ وَالْعَقْلِ. فَإِنْ عُدِمَ الْمَوْلَى، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ، كَالْمَرْأَةِ وَالطِّفْلِ وَالْكَافِرِ، فَعَصَبَاتُهُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ، عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ، ثُمَّ مَوْلَى الْمَوْلَى، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، كَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ.
فَإِنْ اجْتَمَعَ ابْنُ الْمُعْتِقِ وَأَبُوهُ، فَالِابْنُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ وَأَقْوَى فِي التَّعْصِيبِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْأَبُ الْمُنَاسِبُ عَلَى الِابْنِ الْمُنَاسِبِ لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِ وَفَضِيلَةِ وِلَادَتِهِ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي أَبِي الْمُعْتِقِ، فَرُجِعَ بِهِ إلَى الْأَصْلِ.
[مَسْأَلَةٌ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةَ تَزْوِيج الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَدَمِ أَوْلِيَائِهَا أَوْ عَضَلهمْ]
(٥١٥٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: ثُمَّ السُّلْطَانُ. لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِي أَنَّ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةَ تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَدَمِ أَوْلِيَائِهَا أَوْ عَضْلِهِمْ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ «أَنَّ النَّجَاشِيَّ زَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ عِنْدَهُ. وَلِأَنَّ» لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةً عَامَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَلِي الْمَالَ، وَيَحْفَظُ الضَّوَالَّ، فَكَانَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ فِي النِّكَاحِ كَالْأَبِ.
[فَصْلٌ السُّلْطَانُ فِي وِلَايَة النِّكَاح هُوَ الْإِمَامُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ فَوَّضَا إلَيْهِ ذَلِكَ]
(٥١٦٠) فَصْلٌ: وَالسُّلْطَانُ هَاهُنَا هُوَ الْإِمَامُ، أَوْ الْحَاكِمُ، أَوْ مَنْ فَوَّضَا إلَيْهِ ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي وَالِي الْبَلَدِ، فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: يُزَوِّجُ وَالِي الْبَلَدِ. وَقَالَ فِي الرُّسْتَاقِ يَكُونُ فِيهِ الْوَالِي وَلَيْسَ فِيهِ قَاضٍ: يُزَوِّجُ إذَا احْتَاطَ لَهَا فِي الْمَهْرِ وَالْكُفْءِ، أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ؛ لِأَنَّهُ ذُو سُلْطَانٍ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute