وَهَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَاكَ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ، وَخَبَرُهُ عَنْ ظَنِّهِ وَفِعْلِهِ، وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ. وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ، وَقَدْ أُمِرَ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ.
[فَصْل يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَدْعُوَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ]
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ، فَيَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ، حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَعْظِيمًا، وَتَشْرِيفًا، وَتَكْرِيمًا، وَمَهَابَةً، وَبِرًّا، وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ، مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيمًا، وَتَشْرِيفًا، وَتَكْرِيمًا، وَمَهَابَةً، وَبِرًّا، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا، كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ، وَعِزِّ جَلَالِهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ، وَرَآنِي لِذَلِكَ أَهْلًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللَّهُمَّ إنَّك دَعَوْت إلَى حَجِّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ، وَقَدْ جِئْتُك لِذَلِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي، وَاعْفُ عَنِّي، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي (مُسْنَدِهِ) : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا، وَتَكْرِيمًا، وَتَعْظِيمًا، وَمَهَابَةً، وَبِرًّا، وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ، مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا، وَتَكْرِيمًا، وَتَعْظِيمًا، وَبِرًّا» .
وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ حِينَ يَنْظُرُ إلَى الْبَيْتِ، يَقُولُ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ، حِينًا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ) . قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِذَلِكَ.
[فَصْل تَقْدِيم الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ عَلَى الطَّوَافِ]
(٢٤٥٠) فَصْلٌ: وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ فَرِيضَةً أَوْ فَائِتَةً، أَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، قَدَّمَهُمَا عَلَى الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ، وَالطَّوَافُ تَحِيَّةٌ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ، قَطَعَهُ لِأَجْلِهَا، فَلَأَنْ يَبْدَأَ بِهَا أَوْلَى. وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، أَوْ الْوِتْرِ، أَوْ أُحْضِرَتْ جِنَازَةٌ، قَدَّمَهَا؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ يُخَافُ فَوْتُهَا، وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ.
[مَسْأَلَة اسْتِلَام الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ]
(٢٤٥١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ أَتَى الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، إنْ كَانَ، فَاسْتَلَمَهُ إنْ اسْتَطَاعَ، وَقَبَّلَهُ) مَعْنَى (اسْتَلَمَهُ) أَيْ مَسَحَهُ بِيَدِهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ السَّلَامِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ. فَإِذَا مَسَحَ الْحَجَرَ قِيلَ اسْتَلَمَ، أَيْ: مَسَّ السَّلَامَ. قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. وَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ لَا يُعَرِّجَ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ الطَّوَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute