للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْتِيَاعُ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، بِخِلَافِ الشَّاةِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ كَلْبٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، فَلَهُ ثُلُثُهُ. وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ، فَقَدْ قِيلَ: لِلْمُوصَى لَهُ جَمِيعُ الْكَلْبِ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ؛ لِأَنَّ قَلِيلَ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ الْكَلْبِ؛ لِكَوْنِهِ لَا قِيمَةَ لَهُ. وَقِيلَ: لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ ثُلُثُهُ. وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْوَصِيَّةِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ ثُلُثَا التَّرِكَةِ لِلْوَرَثَةِ، وَلَيْسَ فِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ الْمُوصَى بِهِ. وَإِنْ وَصَّى لَرَجُلٍ بِكِلَابِهِ، وَلَآخِرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ الثُّلُثُ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكِلَابِ ثُلُثُهَا، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ ثُلُثَيْ الْمَالِ قَدْ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ الثُّلُثُ، فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ فِي حَقِّ الْكِلَابِ. وَلَوْ وَصَّى بِثُلْثِ مَالِهِ، وَلَمْ يُوصِي بِالْكِلَابِ، دُفِعَ إلَيْهِ ثُلُثُ الْمَالِ، وَلَمْ يَحْتَسِبْ بِالْكِلَابِ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ. وَإِذَا قَسَمَتْ الْكِلَابُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ، أَوْ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُوصًى لَهُمَا بِهَا، قُسِمَتْ عَلَى عَدَدِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا، فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي بَعْضِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ فِيهِ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ، وَلِلْمُوصِي كِلَابٌ يُبَاحُ اتِّخَاذُهَا، كَكِلَابِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ، فَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بِالْقُرْعَةِ، أَوْ مَا أَحَبَّ الْوَرَثَةُ، عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. وَإِنْ كَانَ لَهُ كَلْبٌ يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ، وَكَلْبٌ لِلْهِرَاشِ، فَلَهُ الْكَلْبُ الْمُبَاحُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ كُلِّهِ كَنَحْوِ مِمَّا ذَكَرْنَا، إلَّا أَنَّهُ يَجْعَلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِكَلْبٍ مَا أَحَبَّ الْوَرَثَةُ دَفْعَهُ إلَيْهِ. وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِكَلْبِ الْهِرَاشِ، وَلَا كَلْبٍ غَيْرِ الْكِلَابِ الثَّلَاثَةِ. وَفِي الْوَصِيَّةِ بِالْجَرْوِ الصَّغِيرِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَرْبِيَتِهِ لِلصَّيْدِ أَوْ لِلْمَاشِيَةِ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ ذَلِكَ. وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِخِنْزِيرٍ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ السِّبَاعِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلِاصْطِيَادِ كَالْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ؛ لِأَنَّهَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا، وَلَا تَصِحُّ بِشَيْءٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهَا.

[فَصْل وَصَّى لَهُ بِطَبْلِ حَرْبٍ]

(٤٧٩٦) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِطَبْلِ حَرْبٍ، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُبَاحَةً. وَإِنْ كَانَ بِطَبْلِ لَهْوٍ، لَمْ تَصِحَّ؛ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ بِهِ. وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ إذَا فُصِلَ صَلَحَ لِلْحَرْبِ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي الْحَالِ مَعْدُومَةٌ. فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لَهُمَا جَمِيعًا، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ قَائِمَةٌ بِهِ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِطَبْلٍ، وَأَطْلَقَ، وَلَهُ طَبْلَانِ، تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، انْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى مَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ طُبُولٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِهَا، فَلَهُ أَخْذُهَا بِالْقُرْعَةِ، أَوْ مَا شَاءَ الْوَرَثَةُ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَإِنْ وَصَّى بِدُفٍّ، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ.»

<<  <  ج: ص:  >  >>