للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ مَعْنَاهُ عَلَى مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْبَاقِيَةِ سَوَاءً. فَعَلَى هَذَا لَا يَنْوِي الثَّانِيَةَ فَرْضًا، لَكِنْ يَنْوِيهَا ظُهْرًا مُعَادَةً، وَإِنْ نَوَاهَا نَافِلَةً صَحَّ.

(١٠٢٥) فَصْلٌ: وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ. قَالَ الْقَاضِي: لَا تَجِبُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيهَا رِوَايَةً أُخْرَى: إنَّهَا تَجِبُ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهَا. وَلَنَا، أَنَّهَا نَافِلَةٌ، وَالنَّافِلَةُ لَا تَجِبُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُصَلِّ صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَمَعْنَاهُ وَاجِبَتَانِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ.

فَعَلَى هَذَا إنْ قَصَدَ الْإِعَادَةَ فَلَمْ يُدْرِكْ إلَّا رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ الْآمِدِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُتِمَّهَا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَهَا أَرْبَعًا. وَنَصَّ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَلَى أَنَّهُ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .

[مَسْأَلَةَ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا]

(١٠٢٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فِي كُلِّ وَقْتٍ نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَهُوَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا؛ فَذَهَبَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إلَى أَنَّهَا مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَدْرَ رُمْحٍ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَحَالَ قِيَامِ الشَّمْسِ حَتَّى تَزُولَ، وَعَدَّهَا أَصْحَابُهُ خَمْسَةَ أَوْقَاتٍ؛ مِنْ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتٌ، وَمِنْ طُلُوعِهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا وَقْتٌ، وَحَالَ قِيَامِهَا وَقْتٌ، وَمِنْ الْعَصْرِ إلَى شُرُوعِ الشَّمْسِ فِي الْغُرُوبِ وَقْتٌ، وَإِلَى تَكَامُلِ الْغُرُوبِ وَقْتٌ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَقْتَ الْخَامِسَ مِنْ حِينِ تَتَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ؛ لِأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا؛ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ، وَحِينَ تَتَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. فَجَعَلَ هَذِهِ ثَلَاثَةَ أَوْقَاتٍ، وَقَدْ ثَبَتَ لَنَا وَقْتَانِ آخَرَانِ بِحَدِيثِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ، فَيَكُونُ الْجَمِيعُ خَمْسَةً. وَمَنْ جَعَلَ الْخَامِسَ وَقْتَ الْغُرُوبِ، فَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّهُ بِالنَّهْيِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ» . وَفِي حَدِيثٍ: «وَلَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» . وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهَذِهِ الْأَوْقَاتُ الْمَذْكُورَةُ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنَّمَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْأَوْقَاتُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ؛ بِدَلِيلِ تَخْصِيصِهَا بِالنَّهْيِ فِي حَدِيثِهِ وَحَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>