وَتَخْرُجُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَتُحْسَبُ قِيمَتُهَا، وَيُضَافُ إلَيْهَا بَقِيَّةُ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْهُ.
[فَصْل أَذِنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ]
(٣٦٧٢) فَصْلٌ: وَإِذَا أَذِنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَاشْتَرَى جَارِيَةً لِيَتَسَرَّى بِهَا، خَرَجَ ثَمَنُهَا مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَصَارَ قَرْضًا فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِبَاحَةَ الْبُضْعِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِمِلْكِهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦] .
(٣٦٧٣) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لَوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا، وَلَا مُكَاتَبَةُ الْعَبْدِ لِذَلِكَ. فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا.
[فَصْل الْمُضَارِبِ لَا يَدْفَع الْمَال إلَى آخَرِ مُضَارَبَةً]
(٣٦٧٤) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ دَفْعُ الْمَالِ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَحَرْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إنْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا. وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي جَوَازِ ذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّخْرِيجُ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْوَكِيلِ مُمْتَنِعٌ لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ هَاهُنَا لِيُضَارِبَ بِهِ، وَبِدَفْعِهِ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُضَارِبًا بِهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. الثَّانِي، أَنَّ هَذَا يُوجِبُ فِي الْمَالِ حَقًّا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَلَا أَعْرِفُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ. فَإِنْ فَعَلَ، فَلَمْ يَتْلَفْ الْمَالُ، وَلَا ظَهَرَ فِيهِ رِبْحٌ، رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ
وَإِنْ تَلَفَ، أَوْ رَبِحَ فِيهِ، فَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: هُوَ فِي الضَّمَانِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْغَاصِبِ، وَلِرَبِّ الْمَالِ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِرَدِّ الْمَالِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَبِرَدِّ بَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا، أَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ، فَإِنْ طَالَبَ الْأَوَّلَ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ التَّالِفِ، وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي عَلِمَ بِالْحَالِ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ. وَإِنْ عَلِمَ بِالْحَالِ، رَجَعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى سَبِيلِ الْعُدْوَانِ، وَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ، فَاسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَوَّلِ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛: أَحَدُهُمَا، يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ. وَالثَّانِي: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ كَانَ فِي يَدِهِ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَإِنْ رَبِحَ فِي الْمَالِ، فَالرِّبْحُ لِمَالِكِهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَالٌ وَلَا عَمَلٌ.
وَهَلْ لِلثَّانِيَّ أَجْرُ مِثْلِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، كَالْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute