وَقَدْ سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصِيدَةَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ، وَفِيهَا التَّشْبِيبُ بِسُعَادَ. وَلَمْ يَزُلْ النَّاسُ يَرْوُونَ أَمْثَالَ هَذَا، وَلَا يُنْكَرُ.
وَرَوَيْنَا أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ دَخَلَ مَجْلِسًا فِيهِ رَجُلٌ يُغَنِّيهِمْ بِقَصِيدَةِ قَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ، فَلَمَّا دَخَلَ النُّعْمَانُ سَكَّتُوهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ فِيهَا ذِكْرَ أُمِّهِ، فَقَالَ النُّعْمَانُ: دَعُوهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا، إنَّمَا قَالَ:
وَعَمْرَةُ مِنْ سَرَوَاتِ النِّسَاءِ ... تَنْفَحُ بِالْمِسْكِ أَرْدَانَهَا
وَكَانَ عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ فِي مَجْلِسٍ، فَغَنَّاهُمْ رَجُلٌ بِشِعْرٍ فِيهِ ذِكْرُ أُمِّهِ، فَسَكَّتُوهُ مِنْ أَجْلِهِ، فَقَالَ: دَعُوهُ، فَإِنَّ قَائِلَ هَذَا الشِّعْرِ، كَانَ زَوْجَهَا. فَأَمَّا الشَّاعِرُ، فَمَتَى كَانَ يَهْجُو الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَمْدَحُ بِالْكَذِبِ، أَوْ يَقْذِفُ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ، وَسَوَاءٌ قَذَفَ الْمُسْلِمَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ. وَقَدْ قِيلَ: أَعْظَمُ النَّاسِ ذَنْبًا، رَجُلٌ يُهَاجِي رَجُلًا، فَيَهْجُو الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا.
وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ أَبَا دُلَامَةَ شَهِدَ عِنْدَ قَاضٍ، أَظُنُّهُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، فَخَافَ أَنْ يَرُدَّ شَهَادَتَهُ. فَقَالَ:
إنْ النَّاسُ غَطَّوْنِي تَغَطَّيْت عَنْهُمْ ... وَإِنْ بَحَثُوا عَنِّي فَفِيهِمْ مَبَاحِثُ
فَقَالَ الْقَاضِي: وَمَنْ يَبْحَثُك يَا أَبَا دُلَامَةَ. وَغَرِمَ الْمَالَ مِنْ عِنْدِهِ، وَلَمْ يُظْهِرْ أَنَّهُ رَدَّ شَهَادَتَهُ.
[فَصْل شَهَادَة قَارِئ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ]
(٨٣٦٩) فَصْلٌ: فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ: أَمَّا قِرَاءَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَلْحِينٍ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ حَسَّنَ صَوْتَهُ، فَهُوَ أَفْضَلُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ» . وَرُوِيَ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» . وَقَالَ: «لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute