بِمَعْصِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ كَسَرَ سَاقَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَلَوْ ضَرَبَتْ الْمَرْأَةُ بَطْنَهَا، فَنَفِسَتْ، سَقَطَتْ عَنْهَا الصَّلَاةُ، وَلَوْ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَجُنَّ، سَقَطَ التَّكْلِيفُ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَة لَا يَثْبُتُ، وَأَمَّا قَتْلُهُ وَسَرِقَتُهُ، فَهُوَ كَمَسْأَلَتِنَا.
(٥٨٤٠) فَصْلٌ: وَالْحُكْمُ فِي عِتْقِهِ، وَنَذْرِهِ، وَبَيْعِهِ، وَشِرَائِهِ، وَرِدَّتِهِ، وَإِقْرَارِهِ، وَقَتْلِهِ، وَقَذْفِهِ، وَسَرِقَتِهِ، كَالْحُكْمِ فِي طَلَاقِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثُ. وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا طَلَّقَ السَّكْرَانُ، أَوْ سَرَقَ، أَوْ زَنَى، أَوْ افْتَرَى، أَوْ اشْتَرَى، أَوْ بَاعَ فَقَالَ: أَجْبُنُ عَنْهُ، لَا يَصِحُّ مِنْ أَمْرِ السَّكْرَانِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ: حُكْمُ السَّكْرَانِ حُكْمُ الصَّاحِي فِيمَا لَهُ وَفِيمَا عَلَيْهِ؛ فَأَمَّا فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، كَالْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْمُعَاوَضَات، فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ، لَا يَصِحُّ لَهُ شَيْءٌ. وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، وَالْأَوْلَى أَنَّ مَالَهُ أَيْضًا لَا يَصِحُّ مِنْهُ؛ لَأَنْ تَصْحِيحَ تَصَرُّفَاتِهِ فِيمَا عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةٌ لَهُ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ تَصْحِيحُ تَصَرُّفٍ لَهُ.
[فَصْلٌ حَدُّ السُّكْرِ فِي الطَّلَاق]
(٥٨٤١) فَصْلٌ: وَحَدُّ السُّكْرِ الَّذِي يَقَعُ الْخِلَافُ فِي صَاحِبِهِ، هُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُ يَخْلِطُ فِي كَلَامِهِ، وَلَا يَعْرِفُ رِدَاءَهُ مِنْ رِدَاءِ غَيْرِهِ، وَنَعْلَهُ مِنْ نَعْلِ غَيْرِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] فَجَعَلَ عَلَامَةَ زَوَالِ السُّكْرِ عِلْمَهُ مَا يَقُولُ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: اسْتَقْرِئُوهُ الْقُرْآنَ، أَوْ أَلْقُوا رِدَاءَهُ فِي الْأَرْدِيَةِ، فَإِنْ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ، أَوْ عَرَفَ رِدَاءَهُ، وَإِلَّا فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَعْرِفَ السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَا الذَّكَرَ مِنْ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى الْمَجْنُونِ، فَعَلَيْهِ أَوْلَى.
[مَسْأَلَةٌ عَقَلَ الصَّبِيُّ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَ]
(٥٨٤٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ الطَّلَاقَ، فَطَلَّقَ، لَزِمَهُ) وَأَمَّا الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ؛ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا طَلَاقَ لَهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَعْقِلُ الطَّلَاقَ، وَيَعْلَمُ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَبِينُ بِهِ، وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ، فَأَكْثَرُ الرِّوَايَات عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ طَلَاقَهُ يَقَعُ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَالْخِرَقِيُّ، وَابْنُ حَامِدٍ. وَرُوِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute