للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَاب قِتَال أَهْلِ الْبَغْيِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] . إلَى قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] . فَفِيهَا خَمْسُ فَوَائِدَ: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا بِالْبَغْيِ عَنْ الْإِيمَانِ، فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ. الثَّانِيَةُ، أَنَّهُ أَوْجَبَ قِتَالَهُمْ. الثَّالِثَةُ، أَنَّهُ أَسْقَطَ قِتَالَهُمْ إذَا فَاءُوا إلَى أَمْرِ اللَّهِ. الرَّابِعَةُ، أَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُمْ التَّبِعَةَ فِيمَا أَتْلَفُوهُ فِي قِتَالِهِمْ.

الْخَامِسَةُ أَنَّ الْآيَةَ أَفَادَتْ جَوَازَ قِتَالِ كُلِّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا عَلَيْهِ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ أَعْطَى إمَامًا صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى عَرْفَجَةُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ. وَرَفَعَ صَوْتَهُ: أَلَا وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي وَهُمْ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، كَائِنًا مَنْ كَانَ» . فَكُلُّ مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ، وَجَبَتْ طَاعَتُهُ، وَحَرُمَ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ وَقِتَالُهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] . وَرَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ» .

وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ» . رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، عَلَى قِتَالِ الْبُغَاةِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَاتَلَ أَهْلَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَأَهْلَ النَّهْرَوَانِ.

وَالْخَارِجُونَ عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ، أَصْنَافٌ أَرْبَعَةٌ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>