اللَّفْظُ فَإِذَا كَانَ فَاسِدًا فَكَيْفَ يَكُنْ صَحِيحًا؟ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَيَفْسُدَ الشَّرْطُ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ شَرَطَ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(٣١٣٠) فَصْلٌ وَقَدْ رُوِيَ فِي تَفْسِيرِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ نَسِيئَةً أَوْ بِعَشَرَةٍ مُكَسَّرَةٍ، أَوْ تِسْعَةً صِحَاحًا.
هَكَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ لَهُ بِبَيْعٍ وَاحِدٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا أَوْ هَذَا، وَلِأَنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ بِالرَّقْمِ الْمَجْهُولِ وَلِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا مَعْلُومٍ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك أَحَدَ عَبِيدِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ أَبِعْك بِالنَّقْدِ بِكَذَا وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا فَيَذْهَبُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ جَرَى بَيْنَهُمَا بَعْدَمَا يَجْرِي فِي الْعَقْدِ فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَالَ أَنَا آخُذُهُ بِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا فَقَالَ: خُذْهُ أَوْ قَدْ رَضِيتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَكُونُ عَقْدًا كَافِيًا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ الْقَوْلِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إيجَابًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَنْ قَالَ وَإِنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ أَنَّهُ يَصِحُّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ هَذَا الْبَيْعُ فَيَخْرُجُ وَجْهًا فِي الصِّحَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَقْدَ ثَمَّ يُمْكِنُ أَنْ يَصِحَّ لِكَوْنِهِ جَعَالَةً يَحْتَمِلُ فِيهَا الْجَهَالَةَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
وَلِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْأُجْرَةَ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ إلَّا عَلَى إحْدَى الصَّفْقَتَيْنِ، فَتَتَعَيَّنُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عِوَضًا لَهُ فَلَا يُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ.
[فَصْلٌ النَّهْي عَنْ بَيْع وَسَلَفِ]
(٣١٣١) فَصْلٌ: وَلَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّفَهُ أَوْ بِقَرْضِهِ، أَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ تَرَكَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ السَّلَفَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَنَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَعَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضْ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَعَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي لَفْظٍ «لَا يَحِلُّ بَيْعٌ وَسَلَفٌ» وَلِأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَقْدًا فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ كَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَلِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْقَرْضَ زَادَ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ فَتَصِيرُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ. عِوَضًا عَنْ الْقَرْضِ وَرِيحًا لَهُ وَذَلِكَ رِبًا مُحَرَّمٌ فَفَسَدَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ.
وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ، فَلَا يَعُودُ صَحِيحًا كَمَا لَوْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، ثُمَّ تَرَكَ أَحَدَهُمَا.
[فَصْلٌ النَّهْي عَنْ الْجَمْع بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفِي الْقِيمَة بِعِوَضِ]
(٣١٣٢) فَصْلٌ وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ كَالصَّرْفِ وَبَيْعِ مَا يَجُوزُ التَّفَرُّقُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَوْ الْإِجَارَةِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute