هَذَا إذَا كَانَ الْكِرَاءُ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ مَعَ الْمُكْتَرِي، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَتَسَلَّمَ الرَّاكِبُ الْبَهِيمَةَ يَرْكَبُهَا لِنَفْسِهِ، فَكُلُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ الْبَهِيمَةِ، وَقَدْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ. فَأَمَّا الدَّلِيلُ فَهُوَ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ الْبَهِيمَةِ الْمُكْتَرَاةِ وَآلَتِهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَالزَّادِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ اكْتَرَى مِنْهُ بَهِيمَةً بِعَيْنِهَا، فَأُجْرَةُ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الظَّهْرَ، وَقَدْ سَلَّمَهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حَمْلِهِ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فِي الذِّمَّةِ، فَهُوَ عَلَى الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ إيصَالِهِ إلَيْهِ، وَتَحْصِيلِهِ فِيهِ.
[فَصْل كَانَ الرَّاكِبُ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ وَالْبَعِيرُ قَائِمٌ فِي كِرَاءِ الْإِبِلِ]
فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ الرَّاكِبُ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ وَالْبَعِيرُ قَائِمٌ، كَالْمَرْأَةِ وَالشَّيْخِ وَالضَّعِيفِ وَالسَّمِينِ وَشِبْهِهِمْ، فَعَلَى الْجَمَّالِ أَنْ يُبْرِكَ الْجَمَلَ لِرُكُوبِهِ وَنُزُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ إلَّا بِهِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ الرُّكُوبُ وَالنُّزُولُ وَالْبَعِيرُ قَائِمٌ، لَمْ يَلْزَم الْجَمَّالَ أَنْ يُبْرِكَ لَهُ الْجَمَلَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدُونِ هَذِهِ الْكُلْفَةِ. وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا حَالَ الْعَقْدِ، فَضَعُفَ فِي أَثْنَائِهِ، أَوْ ضَعِيفًا فَقَوِيَ، فَالِاعْتِبَارُ بِحَالِ الرُّكُوبِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى رُكُوبَهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ. وَيَلْزَمُ الْجَمَّالَ أَنْ يُوقِفَ الْبَعِيرَ لِيَنْزِلَ لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ.
وَقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَطَهَارَتِهِ، وَيَدَعُ الْبَعِيرَ وَاقِفًا حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، وَمَا أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ مِنْ السُّنَنِ وَغَيْرِهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُبْرِكَهُ لَهُ، وَلَا يَقِفَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِهِ
وَإِنْ أَرَادَ الْمُكْتَرِي إتْمَامَ الصَّلَاةِ، وَطَالَبَهُ الْجَمَّالُ بِقَصْرِهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ؛ بَلْ تَكُونُ خَفِيفَةً فِي تَمَامٍ.
وَمِنْ اكْتَرَى بَعِيرًا لَإِنْسَانٍ يَرْكَبُهُ لِنَفْسِهِ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَفَّى لَهُ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ سِوَاهُ.
[فَصْل اكْتَرَى ظَهْرًا فِي طَرِيقٍ الْعَادَةُ فِيهِ النُّزُولُ وَالْمَشْيُ عِنْدَ اقْتِرَابِ الْمَنْزِلِ وَالْمُكْتَرِي امْرَأَةٌ أَوْ ضَعِيفٌ]
(٤٢٦٧) فَصْلٌ: وَإِذَا اكْتَرَى ظَهْرًا فِي طَرِيقٍ الْعَادَةُ فِيهِ النُّزُولُ وَالْمَشْيُ عِنْدَ اقْتِرَابِ الْمَنْزِلِ، وَالْمُكْتَرِي امْرَأَةٌ أَوْ ضَعِيفٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ النُّزُولُ؛ لِأَنَّهُ اكْتَرَاهُ جَمِيعَ الطَّرِيقِ، وَلَمْ تَجْرِ لَهُ عَادَةٌ بِالْمَشْيِ، فَلَزِمَ حَمْلُهُ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ، كَالْمَتَاعِ. وَإِنْ كَانَ جَلْدًا قَوِيًّا، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَى جَمِيعِ الطَّرِيقِ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ فِي بَعْضِهَا كَالضَّعِيفِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ، وَالْمُتَعَارَفُ كَالْمَشْرُوطِ.
[فَصْلٌ هُرُوب الْجَمَّالُ مِنْ الْمُسْتَأْجَر فِي بَعْض الطَّرِيقِ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا]
(٤٢٦٨) فَصْلٌ: وَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا، لَمْ يَخْلُ مِنْ حَالَيْنِ؛