وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ فِيهِ حَيَاةٌ يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهُ بِهَا، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ دِيَةٌ، كَمَا لَوْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا، وَكَالْمَذْبُوحِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّنَا عَلِمْنَا حَيَاتَهُ. قُلْنَا: وَإِذَا سَقَطَ مَيِّتًا وَلَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَقَدْ عَلِمْنَا حَيَاتَهُ أَيْضًا.
[فَصْلٌ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ ضَرَبَهَا فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا فَأَنْكَرَ الضَّرْبَ]
(٦٨٦٠) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ ضَرَبَهَا، فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا، فَأَنْكَرَ الضَّرْبَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّرْبِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِالضَّرْبِ، أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَأَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ أَسْقَطَتْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَإِنْ ثَبَتَ الْإِسْقَاطُ وَالضَّرْبُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، فَادَّعَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِهِ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَتْ أَسْقَطَتْ عَقِيبَ ضَرْبِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ، لِوُجُودِهِ عَقِيبَ شَيْءٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لَهُ. وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا ضَرَبَتْ نَفْسَهَا، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهَا، فَحَصَلَ الْإِسْقَاطُ بِهِ، فَأَنْكَرَتْهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ. وَإِنْ أَسْقَطَتْ بَعْدَ الضَّرْبِ بِأَيَّامٍ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَتْ مُتَأَلِّمَةً إلَى حِينِ الْإِسْقَاطِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَأَلِّمَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَمَا
لَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَلَمْ يَبْقَ مُتَأَلِّمًا وَلَا ضَمِنًا، وَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ التَّأَلُّمِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَلِّمَةً فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ، فَادَّعَى أَنَّهَا بَرِئَتْ، وَزَالَ أَلَمُهَا، وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ. وَإِنْ ثَبَتَ إسْقَاطُهَا مِنْ الضَّرْبَةِ، فَادَّعَتْ سُقُوطَهُ حَيًّا، وَأَنْكَرَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهَا بَيِّنَةٌ بِاسْتِهْلَالِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ. وَإِنْ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ، فَادَّعَتْ أَنَّهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ مِثْلَهُ، وَأَنْكَرَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا، وَلَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيهِ، كَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَوُجُودِ حَيْضِهَا وَطُهْرِهَا. وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِاسْتِهْلَالِهِ، وَأَقَامَ الْجَانِي بَيِّنَةً بِعَدَمِ اسْتِهْلَالِهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ، فَتُقَدَّمُ عَلَى النَّافِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُثْبِتَةَ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ. وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مَاتَ عَقِيبَ إسْقَاطِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ عَاشَ مُدَّةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَيَاتِهِ.
وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ. وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ عَاشَ مُدَّةً فَادَّعَتْ أَنَّهُ بَقِيَ مُتَأَلِّمًا حَتَّى مَاتَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأَلُّمِ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ. وَيُقْبَلُ فِي اسْتِهْلَالِ الْجَنِينِ، وَسُقُوطِهِ، وَبَقَائِهِ مُتَأَلِّمًا، وَبَقَاءِ أُمِّهِ مُتَأَلِّمَةً، قَوْلُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ الْوِلَادَةَ إلَّا النِّسَاءُ، وَالِاسْتِهْلَالُ يَتَّصِلُ بِهَا، وَهُنَّ يَشْهَدْنَ حَالَ الْمَرْأَةِ وَوِلَادَتَهَا، وَحَالَ الطِّفْلِ، وَيَعْرِفْنَ عِلَلَهُ وَأَمْرَاضَهُ، وَقُوَّتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute