بِهَا، كَمَا لَوْ قَبَضَهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَمَا بَعْدَهُ. وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سَلَمٌ فَوَجَدَ الْمُسْلِمُ الثَّمَنَ قَائِمًا. فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ، فَلَهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِعَيْنِ مَالٍ، وَلَا ثَبَتَ مِلْكُهُ فِيهِ، وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْمُسْلِمِ فِيهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ دُونَ الثَّمَنِ، فَيُعْزَلُ لَهُ قَدْرُ حَقِّهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ جِنْسُ حَقِّهِ، أَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ جِنْسُ حَقِّهِ، عُزِلَ لَهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ، فَيَشْتَرِي بِهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ، فَيَأْخُذُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَعْزُولَ بِعَيْنِهِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ بَدَلًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ. وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْبَدَلِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ. وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِي بِالْمَعْزُولِ أَكْثَرِ مِمَّا قُدِّرَ لَهُ، لِرُخْصِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، اُشْتُرِيَ لَهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَرُدَّ الْبَاقِي عَلَى الْغُرَمَاءِ. مِثَالُهُ، رَجُلٌ أَفْلَسَ وَلَهُ دِينَارٌ، وَعَلَيْهِ لِرَجُلٍ دِينَارٌ، وَلِآخَرَ قَفِيزُ حِنْطَةٍ مِنْ سَلَمٍ قِيمَتُهُ دِينَارٌ. فَإِنَّهُ يُقْسَمُ دِينَارُ الْمُفْلِسِ نِصْفَيْنِ، لِصَاحِبِ الدِّينَارِ نِصْفُهُ، وَيُعْزَلُ نِصْفُهُ لِلْمُسْلِمِ، فَإِنْ رَخَّصَتْ الْحِنْطَةُ، فَصَارَ قِيمَةُ الْقَفِيزِ نِصْفَ دِينَارٍ، تَبَيَّنَّا أَنَّ حَقَّهُ مِثْلُ نِصْفِ حَقِّ صَاحِبِ الدِّينَارِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْ دِينَارِ الْمُفْلِسِ إلَّا ثُلُثَهُ، يَشْتَرِي لَهُ بِهِ ثُلُثَا قَفِيزٍ، فَيُدْفَعُ إلَيْهِ، وَيُرَدُّ سُدُسُ الدِّينَارِ عَلَى الْغَرِيمِ الْآخَرِ، فَإِنْ غَلَا الْمُسْلَمُ فِيهِ، فَصَارَ قِيمَةُ الْقَفِيزِ دِينَارَيْنِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِثْلَيْ مَا يَسْتَحِقُّهُ صَاحِبُ الدِّينَارِ، فَيَكُونُ لَهُ مِنْ دِينَارِ الْمُفْلِسِ ثُلُثَاهُ فَيَشْتَرِي لَهُ بِالنِّصْفِ الْمَعْزُولِ، وَيُرْجَعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِسُدُسِ دِينَارٍ، يَشْتَرِي لَهُ بِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَعْزُولَ مِلْكُ الْمُفْلِسِ، وَإِنَّمَا لِلْمُسْلِمِ قَدْرُ حَقِّهِ، فَإِنْ زَادَ فَلِلْمُفْلِسِ، وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ.
[فَصْلٌ رَجُل عِنْدَهُ رُهُونٌ كَثِيرَةٌ لَا يَعْرِفُ أَصْحَابَهَا وَلَا مَنْ رَهَنَ عِنْدَهُ]
(٣٤٠٤) فَصْلٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْت أَبِي عَنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ رُهُونٌ كَثِيرَةٌ، لَا يَعْرِفُ أَصْحَابَهَا، وَلَا مَنْ رَهَنَ عِنْدَهُ قَالَ: إذَا أَيِسَتْ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ، وَمَعْرِفَةِ وَرَثَتِهِمْ، فَأَرَى أَنْ تُبَاعَ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، فَإِنْ عَرَفَ بَعْدُ أَرْبَابَهَا، خَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْأَجْرِ أَوْ يَغْرَمُ لَهُمْ، هَذَا الَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْ أَحْمَدَ فِي الرَّهْنِ يَكُونُ عِنْدَهُ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ، يَأْيَسُ مِنْ صَاحِبِهِ: يَبِيعُهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ. وَلَكِنْ إنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَطَلَبِهِ، أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ حَقَّهُ، وَأَمَّا إنْ رَفَعَ أَمْرَهُ إلَى الْحَاكِمِ، فَبَاعَهُ وَوَفَّاهُ مِنْهُ حَقَّهُ، جَازُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute