للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١١٨٩) فَصْلٌ: فَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَفِيهِ أَيْضًا رِوَايَتَانِ: نَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ جَوَازَهُ. وَنَقَلَ غَيْرُهُ الْمَنْعَ مِنْهُ. وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: فَمَا تَرَى إنْ صَلَّى فِي رَمَضَانَ خَلْفَ إمَامٍ يُصَلِّي بِهِمْ التَّرَاوِيحَ؟ قَالَ: يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: لَا يُعْجِبُنَا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ قَوْمٍ التَّرَاوِيحَ، وَيَأْتَمَّ بِهَا لِلْعَتَمَةِ. وَهَذِهِ فَرْعٌ عَلَى ائْتِمَامِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا. (١١٩٠) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ تُخَالِفُ الْأُخْرَى فِي الْأَفْعَالِ، كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، أَوْ الْجُمُعَةِ، خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي غَيْرَهُمَا، وَصَلَاةِ غَيْرِهِمَا وَرَاءَ مَنْ يُصَلِّيهِمَا، لَمْ تَصِحَّ، رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى مُخَالَفَةِ إمَامِهِ فِي الْأَفْعَالِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. (١١٩١) فَصْلٌ: وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ شَكَّ، هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا؟ أَوْ شَكَّ فِي صَلَاةٍ صَلَّاهَا، هَلْ فَعَلَهَا فِي وَقْتِهَا أَوْ قَبْلَهُ؟ لَزِمَتْهُ إعَادَتُهَا، وَلَهُ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْإِعَادَةِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي إمَامَةِ الْمُتَنَفِّلِ مُفْتَرِضًا.

وَلَنَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصَّلَاةِ فِي ذِمَّتِهِ، وَوُجُوبُ فِعْلِهَا، فَيَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا مُفْتَرِضًا، كَمَا لَوْ شَكَّ، هَلْ صَلَّى أَمْ لَا؟ وَلَوْ فَاتَتْ الْمَأْمُومَ رَكْعَةٌ فَصَلَّى الْإِمَامُ خَمْسًا سَاهِيًا، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُعْتَدُّ لِلْمَأْمُومِ بِالْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّهَا سَهْوٌ وَغَلَطٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةٌ لَهُ، وَفَرْضٌ لِلْمَأْمُومِ. فَيُخَرَّجُ فِيهَا الرِّوَايَتَانِ. وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، فَتَوَقَّفَ فِيهَا. وَالْأَوْلَى، أَنْ يُحْتَسَبَ لَهُ بِهَا، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهَا لَلَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ خَمْسًا مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْخَامِسَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْإِمَامِ عِنْدَ مَنْ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْبِنَاءَ عَلَى الْيَقِينِ، وَعِنْدَ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ نَفْلًا، فَالصَّحِيحُ صِحَّةُ الِائْتِمَامِ بِهِ. وَقَوْلُهُ: إنَّهُ غَلَطٌ.

قُلْنَا: لَا يُخْرِجُهُ الْغَلَطُ عَنْ أَنْ يَكُونَ نَفْلًا مُثَابًا فِيهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَانَتْ الرَّكْعَةُ وَالسَّجْدَتَانِ نَافِلَةً لَهُ» . وَإِنْ صَلَّى بِقَوْمٍ الظُّهْرَ يَظُنُّهَا الْعَصْرَ. فَقَالَ أَحْمَدُ: يُعِيدُ، وَيُعِيدُونَ. وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي مَنَعَ فِيهَا ائْتِمَامَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ. فَإِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَأَتَمَّهَا عَصْرًا، كَانَتْ لَهُ نَافِلَةً، وَإِنْ قَلَبَ نِيَّتَهُ إلَى الظُّهْرِ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مُتَقَدِّمًا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُتِمُّهَا وَالْفَرْضُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ.

[فَصْلٌ ائْتِمَامُ الْبَالِغِ بِالصَّبِيِّ فِي الْفَرْضِ]

(١١٩٢) فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ ائْتِمَامُ الْبَالِغِ بِالصَّبِيِّ فِي الْفَرْضِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>