للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْلَةً، وَلَا يَقْنُتُ إلَّا فِي النِّصْفِ الثَّانِي. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَهَذَا كَالْإِجْمَاعِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: يَقْنُتُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إلَّا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِهَذَا الْخَبَرِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ إلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ. وَعَنْهُ لَا يَقْنُتُ فِي صَلَاةٍ بِحَالٍ. وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الْمُخْتَارَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: كُنْت أَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ إنِّي قَنَتُّ، هُوَ دُعَاءٌ وَخَيْرٌ.

وَوَجْهُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيٍّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوتِرُ، فَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ» . وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» . وَكَانَ لِلدَّوَامِ، وَفِعْلُ أُبَيٍّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ. وَلَا يُنْكَرُ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا، وَلِأَنَّهُ وِتْرٌ، فَيُشْرَعُ فِيهِ الْقُنُوتُ، كَالنِّصْفِ الْآخِرِ، وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ يُشْرَعُ فِي الْوِتْرِ، فَيُشْرَعُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ.

[فَصْلٌ الْقُنُوتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ]

(١٠٧٨) فَصْلٌ: وَيَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَإِنْ قَنَتَ قَبْلَهُ، فَلَا بَأْسَ. وَنَحْوَ هَذَا قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ؛ لِمَا رَوَى حُمَيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ: كُنَّا نَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أُبَيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَالْبَرَاءِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُبَيْدَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ: وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ» . وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٌ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ فَقَالَ: أَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ. وَذَكَرَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ يَرْوِيهِ أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَحَدِيثُ أُبَيٍّ قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ أَيْضًا، وَقِيلَ ذِكْرُ الْقُنُوتِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الدُّعَاء فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ]

(١٠٧٩) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ مَا رَوَى «الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِي مَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِي مَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِي مَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>