للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَعَامُ الْوَلِيمَةِ الَّتِي يُدْعَى إلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ كُلَّ وَلِيمَةٍ طَعَامُهَا شَرُّ الطَّعَامِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمَا أَمَرَ بِهَا، وَلَا نَدَبَ إلَيْهَا، وَلَا أَمَرَ بِالْإِجَابَةِ إلَيْهَا، وَلَا فَعَلَهَا؛ وَلِأَنَّ الْإِجَابَةَ تَجِبُ بِالدَّعْوَةِ، فَكُلُّ مَنْ دُعِيَ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ.

(٥٦٦٥) فَصْلٌ: وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ عَلَى مَنْ عُيِّنَ بِالدَّعْوَةِ، بِأَنْ يَدْعُوَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ، أَوْ جَمَاعَةً مُعَيَّنِينَ. فَإِنْ دَعَا الْجَفَلَى؛ بِأَنْ يَقُولَ: يَا أَيُّهَا النَّاسِ، أَجِيبُوا إلَى الْوَلِيمَةِ. أَوْ يَقُولَ الرَّسُولُ: أُمِرْت أَنْ أَدْعُوَ كُلَّ مَنْ لَقِيت، أَوْ مَنْ شِئْت. لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ، وَلَمْ تُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيَّنْ بِالدَّعْوَةِ، فَلَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْصُلُ كَسْرُ قَلْبِ الدَّاعِي بِتَرْكِ إجَابَتِهِ، وَتَجُوزُ الْإِجَابَةُ بِهَذَا؛ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الدُّعَاءِ.

[فَصْلٌ إذَا صَنَعَتْ الْوَلِيمَة أَكْثَر مِنْ يَوْم جَازَ]

(٥٦٦٦) فَصْلٌ: وَإِذَا صُنِعَتْ الْوَلِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ، جَازَ؛ فَقَدْ رَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي، أَنَّهُ أَعْرَسَ وَدَعَا الْأَنْصَارَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ. وَإِذَا دُعِيَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَجَبْت الْإِجَابَةُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي تُسْتَحَبُّ الْإِجَابَةُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا تُسْتَحَبُّ. قَالَ أَحْمَدُ: الْأُوَلُ يَجِبُ، وَالثَّانِي إنْ أَحَبَّ، وَالثَّالِثُ فَلَا. وَهَكَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّب أَيْضًا. وَدُعِيَ سَعِيدٌ إلَى وَلِيمَةٍ مَرَّتَيْنِ فَأَجَابَ، فَدُعِيَ الثَّالِثَةَ، فَحَصَبَ الرَّسُولَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْخَلَّالُ.

[فَصْلٌ الدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْن فِي الدُّخُول وَالْأَكْل]

(٥٦٦٧) فَصْلٌ: وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْنٌ فِي الدُّخُولِ وَالْأَكْلِ؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ، فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ، فَذَلِكَ إذْنٌ لَهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إذَا دُعِيت فَقَدْ أُذِنَ لَك. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ.

[فَصْلٌ دَعَاهُ ذِمِّيُّ إلَى وَلِيمَة]

(٥٦٦٨) فَصْلٌ: فَإِنْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ لِلْمُسْلِمِ لِلْإِكْرَامِ وَالْمُوَالَاةِ وَتَأْكِيدِ الْمَوَدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>