بِالْكَامِلِ، كَالْعَبْدِ بِالْحُرِّ، وَالْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ.
وَمَنْ لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ، لَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ بِطَرَفِهِ، فَلَا يُقْطَعُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ، وَلَا وَالِدٌ بِوَلَدٍ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قِصَاصَ فِي الطَّرَفِ بَيْن مُخْتَلِفِي الْبَدَلِ، فَلَا يُقْطَعُ الْكَامِلُ بِالنَّاقِصِ، وَلَا النَّاقِصُ بِالْكَامِلِ، وَلَا الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، وَلَا الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ، وَلَا الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، وَلَا الْعَبْدُ بِالْحُرِّ، وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ التَّكَافُؤَ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَطْرَافِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحِيحَةَ لَا تُؤْخَذُ بِالشَّلَّاءِ، وَلَا الْكَامِلَةَ بِالنَّاقِصَةِ، فَكَذَا لَا يُؤْخَذ طَرَفُ الرَّجُلِ بِطَرَفِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُؤْخَذُ طَرَفُهَا بِطَرَفِهِ، كَمَا لَا تُؤْخَذُ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى.
وَلَنَا، أَنَّ مَنْ جَرَى بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، جَرَى، فِي الطَّرَفِ، كَالْحُرَّيْنِ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، فَإِنَّ التَّكَافُؤَ مُعْتَبَرٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِمُسْتَأْمِنٍ، ثُمَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّاقِصَةَ بِالْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ قَدْ وُجِدَتْ وَزِيَادَةٌ، فَوَجَبَ أَخْذُهَا بِهَا إذَا رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ، كَمَا تُؤْخَذُ نَاقِصَةُ الْأَصَابِعِ بِكَامِلَةِ الْأَصَابِعِ، وَأَمَّا الْيَسَارُ وَالْيَمِينُ، فَيَجْرِيَانِ مَجْرَى النَّفْسِ، لِاخْتِلَافِ مَحَلَّيْهِمَا؛ وَلِهَذَا اسْتَوَى بَدَلُهُمَا، فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ نَاقِصَةً عَنْهَا شَرْعًا، وَلَا الْعِلَّةُ فِيهِمَا ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ قَتَلَاهُ وَأَحَدُهُمَا مُخْطِئٌ وَالْآخَرُ مُتَعَمِّدٌ]
(٦٦٤٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا قَتَلَاهُ، وَأَحَدُهُمَا مُخْطِئٌ، وَالْآخَرُ مُتَعَمِّدٌ، فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى الْعَامِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ نِصْفُهَا، وَعَلَيْهِ فِي مَالِهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أَمَّا الْمُخْطِئُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ؛ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: ٥] . وَأَمَّا السُّنَّةِ، فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا شَرِيكُهُ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ عَلَيْهِ قِصَاصًا. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ عَمْدًا عُدْوَانًا، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، كَشَرِيكِ الْعَامِدِ؛ وَلِأَنَّ مُؤَاخَذَتَهُ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلُهُ عَمْدٌ وَعُدْوَانٌ لَا عُذْرَ لَهُ فِيهِ وَلَنَا، أَنَّهُ قَتْلٌ لَمْ يَتَمَحَّضُ عَمْدًا، فَلَمْ يُوجِبْ الْقِصَاصَ، كَشِبْهِ الْعَمْدِ، وَكَمَا لَوْ قَتَلَهُ وَاحِدٌ بِجُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً، وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُبَاشِرٌ وَمُتَسَبِّبٌ، فَإِذَا كَانَا عَامِدَيْنِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مُتَسَبِّبٌ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute