[فَصْلٌ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِيهِ]
(١٢٧١) فَصْلٌ: وَإِنْ نَسِيَهَا فِي سَفَرٍ، فَذَكَرَهَا فِيهِ، قَضَاهَا مَقْصُورَةً، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِي السَّفَرِ، وَفُعِلَتْ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا. وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي سَفَرٍ آخَرَ، فَكَذَلِكَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَسَوَاءٌ ذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ لَزِمَتْهُ تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا تَامَّةً بِذِكْرِهِ إيَّاهَا. فَبَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا وَفِعْلَهَا فِي السَّفَرِ، فَكَانَتْ صَلَاةَ سَفَرٍ، كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْحَضَرِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقَصْرِ كَوْنَ الصَّلَاةِ مُؤَدَّاةً؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَقْصُورَةٌ، فَاشْتُرِطَ لَهَا الْوَقْتُ، كَالْجُمُعَةِ. وَهَذَا فَاسِدٌ؛ فَإِنَّ هَذَا اشْتِرَاطٌ بِالرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى، وَيُشْتَرَطُ لَهَا الْخُطْبَتَانِ وَالْعَدَدُ وَالِاسْتِيطَانُ، فَجَازَ اشْتِرَاطُ الْوَقْتِ لَهَا، بِخِلَافِ صَلَاةِ السَّفَرِ.
[فَصْلٌ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ]
(١٢٧٢) فَصْلٌ: وَإِذَا سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، قَصْرُهَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لَهُ قَصْرَهَا. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ سَافَرَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا. أَشْبَهَ مَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ وُجُوبِهَا.
وَالثَّانِيَةُ، لَيْسَ لَهُ قَصْرُهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ، فَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا، كَمَا لَوْ سَافَرَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، أَوْ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِهَا، وَفَارَقَ مَا قَبْلَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ.
[مَسْأَلَةٌ دَخَلَ الصَّلَاةَ مَعَ مُقِيمٍ وَهُوَ مُسَافِرٌ]
(١٢٧٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا دَخَلَ مَعَ مُقِيمٍ، وَهُوَ مُسَافِرٌ، ائْتَمَّ) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ مَتَى ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ، لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، سَوَاءٌ أَدْرَكَ جَمِيعَ الصَّلَاةِ أَوْ رَكْعَةً، أَوْ أَقَلَّ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمُسَافِرِ، يَدْخُلُ فِي تَشَهُّدِ الْمُقِيمِينَ؟ قَالَ: يُصَلِّي أَرْبَعًا.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالَ إِسْحَاقُ: لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ يَجُوزُ فِعْلُهَا رَكْعَتَيْنِ، فَلَمْ تَزِدْ بِالِائْتِمَامِ، كَالْفَجْرِ. وَقَالَ طَاوُسٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ حَذْلَمَ، فِي الْمُسَافِرِ يُدْرِكُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ: يُجْزِيَانِ
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ: إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً أَتَمَّ، وَإِنْ أَدْرَكَ دُونَهَا قَصَرَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ