للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ، فَقَالَ: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] . تَسَاوَوْا فِيهِ، وَلَمْ يُفَضِّلْ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ وَوَلَدِ الْأَبِ، فَإِنَّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] . وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.

(٤٣٩٣) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ إذَا فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ، فَلَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، عَلَى أَنَّ لِلذَّكَرِ سَهْمَيْنِ، وَلِلْأُنْثَى سَهْمًا، أَوْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ، أَوْ عَلَى حَسَبِ فَرَائِضِهِمْ، أَوْ بِالْعَكْسِ مِنْ هَذَا، أَوْ عَلَى أَنَّ لِلْكَبِيرِ ضِعْفَ مَا لِلصَّغِيرِ، أَوْ لِلْعَالِمِ ضِعْفَ مَا لِلْجَاهِلِ، أَوْ لِلْعَائِلِ ضِعْفَ مَا لِلْغَنِيِّ، أَوْ عَكْسَ ذَلِكَ، أَوْ عَيَّنَ بِالتَّفْضِيلِ وَاحِدًا مُعَيَّنًا، أَوْ وَلَدَهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا، فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَقْفِ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ، فَكَذَلِكَ تَفْضِيلُهُ وَتَرْتِيبُهُ

وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَ إخْرَاجَ بَعْضِهِمْ بِصِفَةٍ وَرَدَّهُ بِصِفَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: مَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُمْ فَلَهُ، وَمَنْ فَارَقَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ عَكْسَ ذَلِكَ، أَوْ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ فَلَهُ، وَمَنْ نَسِيَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَمَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ فَلَهُ، وَمَنْ تَرَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِ كَذَا فَلَهُ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. فَكُلُّ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَا شَرَطَ. وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّ الزُّبَيْرَ جَعَلَ دُورَهُ صَدَقَةً عَلَى بَنِيهِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ، وَأَنَّ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنْ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَقْفِ.

وَلَيْسَ هَذَا تَعْلِيقًا لِلْوَقْفِ بِصِفَةٍ، بَلْ الْوَقْفُ مُطْلَقٌ وَالِاسْتِحْقَاقُ لَهُ بِصِفَةٍ. وَكُلُّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

[فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسِّمَ الْوَقْفَ عَلَى أَوْلَادِهِ عَلَى حَسَبِ قِسْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ]

(٤٣٩٤) فَصْلٌ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسِّمَ الْوَقْفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، عَلَى حَسَبِ قِسْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْمُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ، وَقَدْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ. وَلَنَا أَنَّهُ إيصَالٌ لِلْمَالِ إلَيْهِمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ الْمِيرَاثِ، كَالْعَطِيَّةِ، وَلِأَنَّ الذَّكَرَ فِي مَظِنَّةِ الْحَاجَةِ أَكْثَرُ مِنْ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْعَادَةِ يَتَزَوَّجُ، وَيَكُونُ لَهُ الْوَلَدُ، فَالذَّكَرُ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَالْمَرْأَةُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَلَا يَلْزَمُهَا نَفَقَةُ أَوْلَادِهَا، وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ الذَّكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>