ذَهَبَ أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الشَّامِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
[مَسْأَلَةٌ إخْوَة وَأَخَوَات وَجَدِّ قَاسِمهمْ الْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ أَخ]
(٤٨٦٨) مَسْأَلَةٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ (وَمَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي الْجَدَّ، قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا كَانَ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ وَجَدٌّ، قَاسَمَهُمْ الْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ أَخٍ، حَتَّى يَكُونَ الثُّلُثُ خَيْرًا، فَإِذَا كَانَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ، أُعْطِيَ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ زَيْدٍ فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ، وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ، أَوْ لِلْأَبِ، أَنَّهُ يُعْطِيهِ الْأَحَظَّ مِنْ شَيْئَيْنِ؛ إمَّا الْمُقَاسَمَةُ، كَأَنَّهُ أَخٌ، وَإِمَّا ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ. فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْإِخْوَةُ اثْنَيْنِ، أَوْ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ، أَوْ أَخًا وَأُخْتَيْنِ، فَالثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ سَوَاءٌ، فَأَعْطِهِ مَا شِئْت مِنْهُمَا.
وَإِنْ نَقَصُوا عَنْ ذَلِكَ، فَالْمُقَاسَمَةُ أَحَظُّ لَهُ، فَقَاسِمْ بِهِ لَا غَيْرُ. وَإِنْ زَادُوا، فَالثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ، فَأَعْطِهِ إيَّاهُ. وَسَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَبٍ أَوْ مِنْ أَبَوَيْنِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ، وَوَلَدُ الْأَبِ، فَإِنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ يُعَادُونَ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ، وَيَحْتَسِبُونَ بِهِمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَا حَصَلَ لَهُمْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أُخْتًا وَاحِدَةً، فَتَأْخُذَ مِنْهُمْ تَمَامَ نِصْفِ الْمَالِ، ثُمَّ مَا فَضَلَ فَهُوَ لَهُمْ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ السُّدُسِ؛ لِأَنَّ أَدْنَى مَا لِلْجَدِّ الثُّلُثُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَعْدَهُمَا هُوَ السُّدُسُ.
[مَسْأَلَةٌ كَانَ مَعَ الْجَدَّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَات أَصْحَابُ فَرَائِضَ]
(٤٨٦٩) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (فَإِنْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ أَصْحَابُ فَرَائِضَ، أُعْطِيَ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ فَرَائِضَهُمْ، ثُمَّ نُظِرَ فِيمَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُقَاسَمَةُ، خَيْرًا لِلْجَدِّ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ، وَمِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ، أُعْطِيَ الْمُقَاسَمَةَ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ خَيْرًا لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ، وَمِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ، أُعْطِيَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ أَحَظَّ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ، وَمِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ، أُعْطِيَ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ) أَمَّا كَوْنُهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ؛ فَلِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى، فَمَعَ غَيْرِهِمْ أَوْلَى.
وَأَمَّا إعْطَاؤُهُ ثُلُثَ الْبَاقِي إذَا كَانَ أَحَظَّ لَهُ، فَلِأَنَّ لَهُ الثُّلُثَ مَعَ عَدَمِ الْفُرُوضِ، فَمَا أُخِذَ بِالْفَرْضِ، فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ مِنْ الْمَالِ، فَصَارَ ثُلُثُ الْبَاقِي بِمَنْزِلَةِ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ. وَأَمَّا الْمُقَاسَمَةُ فَهِيَ لَهُ مَعَ عَدَمِ الْفُرُوضِ، فَكَذَلِكَ مَعَ وُجُودِهَا، فَعَلَى هَذَا مَتَى زَادَ الْإِخْوَةُ عَنْ اثْنَيْنِ، أَوْ مَنْ يَعْدِلُهُمْ مِنْ الْإِنَاثِ، فَلَا حَظَّ لَهُ فِي الْمُقَاسَمَةِ، وَمَتَى نَقَصُوا عَنْ ذَلِكَ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي ثُلُثِ الْبَاقِي، وَمَتَى زَادَتْ الْفُرُوضُ عَلَى النِّصْفِ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ النِّصْفِ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي السُّدُسِ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ النِّصْفَ فَحَسْبُ اسْتَوَى السُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ اثْنَيْنِ اسْتَوَى ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute