للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ وَاسْتَوْفَى مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّهِمَا اسْتَوْفَى]

فَصْلٌ: وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ، وَاسْتَوْفَى مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّهِمَا اسْتَوْفَى، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، عَتَقَ وَرَقَّ الْآخَرُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ وَأُنْسِيَهُ. فَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَدَّى، فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا أَدَّى إلَيْهِ. فَإِنْ نَكَلَ، عَتَقَ الْآخَرُ. وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ، أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ. فَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ الْمُؤَدِّي، فَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَدَّى؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ. فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَدَّى عَتَقَ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ تَعَيَّنَتْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِ، وَرَقَّ الْآخَرُ.

وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَيْسَتْ عِتْقًا، وَإِنَّمَا هِيَ مُعَيَّنَةٌ لِلْعِتْقِ، وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْهَا، فَثَبَتَ بِهَا خَطَأُ الْقُرْعَةِ، فَتَبَيَّنَ بَقَاءُ الرِّقِّ فِي الَّذِي ظَنَنَّا حُرِّيَّتَهُ، كَمَا تَبَيَّنَّا حُرِّيَّةَ مَنْ ظَنَنَّا رِقَّهُ، وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ، لَا يَصِيرُ مُؤَدِّيًا بِوُقُوعِ الْقُرْعَةِ لَهُ، فَلَا يُوجَدُ حُكْمُهُ الَّذِي هُوَ الْعِتْقُ. وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ حَامِدٍ، أَنْ يَعْتِقَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا ذَكَرَ السَّيِّدُ الْمُؤَدِّيَ مِنْهُمَا، وَمَتَى ادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ أَدَّى، فَلَهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدَ أَوْ وَرَثَتَهُ، إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السَّيِّدَ، فَالْيَمِينُ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَرَثَتِهِ، فَالْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ، فَتَكُونَ أَيْمَانُهُمْ عَلَى الْبَتِّ أَيْضًا. وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ يَمِينٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالدَّعْوَى.

[فَصْلٌ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ أَوْلَادُ مِنْ مُعْتَقَةِ آخَر غَيْرِ سَيِّدُهُ]

(٨٨٢٠) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ أَوْلَادٌ مِنْ مُعْتَقَةِ آخَرَ غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَقَالَ سَيِّدُهُ: قَدْ أَدَّى إلَيَّ، وَعَتَقَ، فَانْجَرَّ وَلَاءُ وَلَدِهِ إلَيَّ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ مَوْلَى أُمِّهِمْ، وَكَانَ الْمُكَاتَبُ حَيًّا، فَقَدْ صَارَ حُرًّا بِهَذَا الْقَوْلِ؛ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ سَيِّدِهِ بِعِتْقِهِ، وَيَنْجَرُّ وَلَاءُ وَلَدِهِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَوْلَى أُمِّهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الرِّقُّ، وَبَقَاءُ وَلَائِهِمْ لَهُ، فَيَحْلِفُ، وَيَبْقَى وَلَاؤُهُمْ لَهُ.

[مَسْأَلَةٌ أَعْتَقَ الْأَمَةَ أَوْ كَاتَبَهَا وَشَرَطَ مَا فِي بَطْنِهَا]

(٨٨٢١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَإِذَا أَعْتَقَ الْأَمَةَ، أَوْ كَاتَبَهَا، وَشَرَطَ مَا فِي بَطْنِهَا، أَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَهَا، فَلَهُ شَرْطُهُ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَهُ مَا اسْتَثْنَى. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ: إذَا اسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا، فَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>