بِالسَّيْفِ.» قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.، وَرَوَى سَعِيدٌ، وَأَبُو دَاوُد فِي " كِتَابَيْهِمَا "، عَنْ بَجَالَةَ قَالَ: كُنْت كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، إذْ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ. فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ فِي يَوْمٍ، وَهَذَا اُشْتُهِرَ فَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَقَتَلَتْ حَفْصَةُ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا. وَقَتَلَ جُنْدُبُ بْنُ كَعْبٍ سَاحِرًا كَانَ يَسْحَرُ بَيْنَ يَدَيْ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ. وَلِأَنَّهُ كَافِرٌ فَيُقْتَلُ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَوْهُ.
[فَصْلٌ هَلْ يُسْتَتَابُ السَّاحِرُ]
(٧١٢٧) فَصْلٌ: وَهَلْ يُسْتَتَابُ السَّاحِرُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا، لَا يُسْتَتَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نُقِلَ عَنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ اسْتَتَابَ سَاحِرًا، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ السَّاحِرَةَ سَأَلَتْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ، هَلْ لَهَا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَمَا أَفْتَاهَا أَحَدٌ. وَلِأَنَّ السِّحْرَ مَعْنًى فِي قَلْبِهِ، لَا يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ، فَيُشْبِهُ مَنْ لَمْ يَتُبْ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنْ الشِّرْكِ، وَالْمُشْرِكُ يُسْتَتَابُ، وَمَعْرِفَتُهُ السِّحْرَ لَا تَمْنَعُ قَبُولَ تَوْبَتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَبِلَ تَوْبَةَ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ وَجَعَلَهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فِي سَاعَةٍ، وَلِأَنَّ السَّاحِرَ لَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ وَتَوْبَتُهُ، فَإِذَا صَحَّتْ التَّوْبَةُ مِنْهُمَا صَحَّتْ مِنْ أَحَدِهِمَا، كَالْكُفْرِ، وَلِأَنَّ الْكُفْرَ وَالْقَتْلَ إنَّمَا هُوَ بِعَمَلِهِ بِالسِّحْرِ، لَا بِعِلْمِهِ، بِدَلِيلِ السَّاحِرِ إذَا أَسْلَمَ، وَالْعَمَلُ بِهِ يُمْكِنُ التَّوْبَةُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ اعْتِقَادُ مَا يَكْفُرُ بِاعْتِقَادِهِ، يُمْكِنُ التَّوْبَةُ مِنْهُ كَالشِّرْكِ، وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ فِي ثُبُوتِ حُكْمِ التَّوْبَةِ فِي الدُّنْيَا، مِنْ سُقُوطِ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُقُوطِ عُقُوبَةِ الدَّارِ الْآخِرَةِ عَنْهُ، فَتَصِحُّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَسُدَّ بَابَ التَّوْبَةِ عَنْ أَحَدٍ، مِنْ خَلْقِهِ، وَمَنْ تَابَ إلَى اللَّهِ قَبِلَ تَوْبَتَهُ، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.
[فَصْلٌ السَّحَر الَّذِي يُحَدُّ عَلَى فَعَلَهُ]
(٧١٢٨) فَصْلٌ: وَالسِّحْرُ الَّذِي ذَكَرْنَا حُكْمَهُ. هُوَ الَّذِي يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ سِحْرًا، مِثْلُ فِعْلِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ، حِينَ سَحَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. وَرَوَيْنَا فِي مَغَازِي الْأُمَوِيِّ أَنَّ النَّجَاشِيَّ دَعَا السَّوَاحِرَ، فَنَفَخْنَ فِي إحْلِيلِ عُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ، فَهَامَ مَعَ الْوَحْشِ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَهَا إلَى إمَارَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَمْسَكَهُ إنْسَانٌ، فَقَالَ: خَلِّنِي وَإِلَّا مِتُّ، فَلَمْ يُخَلِّهِ، فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ. وَبَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ أَخَذَ سَاحِرَةً، فَجَاءَ زَوْجُهَا كَأَنَّهُ مُحْتَرِقٌ، فَقَالَ: قُولُوا لَهَا تَحُلُّ عَنِّي. فَقَالَتْ: ائْتُونِي بِخُيُوطٍ وَبَابٍ. فَأَتَوْهَا بِهِ، فَجَلَسَتْ عَلَى الْبَابِ، حِينَ أَتَوْهَا بِهِ وَجَعَلَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute