للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ تَسْتَوْفِ عَدَدَهُ، فَثَبَتَ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ كَالْمُصَابَةِ، وَلِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، فَمَلَكَ رَجْعَتَهَا، كَالَّتِي أَصَابَهَا. وَفَارَقَ الَّتِي لَمْ يَخْلُ بِهَا، فَإِنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ لَا عِدَّةَ لَهَا، وَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الرَّجْعَةُ لِلْمُعْتَدَّةِ الَّتِي يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ.

[فَصْل ادَّعَى زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ عِدَّتِهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا فَكَذَّبَتْهُ وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا]

(٦٠٩٤) فَصْلٌ: وَإِنْ ادَّعَى زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ عِدَّتِهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا، فَكَذَّبَتْهُ وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَبِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ مَوْلَاهَا مَقْبُولٌ فِي نِكَاحِهَا، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي رَجْعَتِهَا، كَالْحُرَّةِ إذَا أَقَرَّتْ. وَلَنَا أَنَّ قَوْلَهَا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مَقْبُولٌ، فَقُبِلَ فِي إنْكَارِهَا لِلرَّجْعَةِ كَالْحُرَّةِ، وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْهُمَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ النِّكَاحُ، فَيَكُونُ الْمُنَازِعُ هِيَ دُونَ سَيِّدِهَا، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، فَمَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ، بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ.

وَإِنْ صَدَّقَتْهُ هِيَ وَكَذَّبَهُ مَوْلَاهَا، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ يَتَعَلَّقَ بِهَا، وَحَلَّتْ لَهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي إبْطَالِ حَقِّهِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ أَنَّ مُطَلِّقَهَا كَانَ رَاجَعَهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِ إنْكَارِهَا قَبُولُ تَصْدِيقِهَا، كَالَّتِي تَزَوَّجَتْ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إنْكَارُهَا، وَلَا يُقْبَلُ تَصْدِيقُهَا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ مَوْلَاهَا إذَا عَلِمَ صِدْقَ الزَّوْجِ فِي رَجْعَتِهَا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا تَزْوِيجُهَا. وَإِنْ عَلِمَتْ هِيَ صِدْقَ الزَّوْجِ فِي رَجْعَتِهَا، فَهِيَ حَرَامٌ عَلَى سَيِّدِهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ وَطْئِهَا إلَّا مُكْرَهَةً، كَمَا قَبْلَ طَلَاقِهَا.

[فَصْلٌ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي ثُمَّ قَالَتْ مَا انْقَضَتْ الرَّجْعَةُ بَعْدُ]

(٦٠٩٥) فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي. ثُمَّ قَالَتْ: مَا انْقَضَتْ بَعْدُ. فَلَهُ رَجْعَتُهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِكَذِبِهَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ حَقٌّ عَلَيْهَا، فَقُبِلَ إقْرَارُهَا. وَلَوْ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، ثُمَّ رَاجَعْتهَا. ثُمَّ أَقَرَّتْ بِكَذِبِهَا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَأَنْكَرَتْ مَا ذَكَرَ عَنْهَا، وَأَقَرَّتْ أَنَّ عِدَّتَهَا، لَمْ تَنْقَضِ، فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِخَبَرِهَا عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ رَجَعَتْ عَنْ خَبَرِهَا، فَقُبِلَ رُجُوعُهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى طَلَّقَهَا ثَانِيَةً]

(٦٠٩٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى طَلَّقَهَا ثَانِيَةً، بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>