للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنِ، أَنَّهُ يُلَاعِنُهَا؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُضَافٌ إلَى حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ.

وَلَنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَبِهِ حَاجَةٌ إلَى الْقَذْفِ، فَشُرِعَ، كَمَا لَوْ قَذَفَهَا وَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ، وَقَدْ قَذَفَهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى حَالِ الزَّوْجِيَّةِ. وَمَتَى لَاعَنَهَا لِنَفْيِ وَلَدِهَا انْتَفَى، وَسَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ. وَفِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَجْهَانِ. وَهَلْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَهَا قَبْلَ وَضْعِ الْوَلَدِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ لِعَانُهَا بَعْدَ الْوَضْعِ، كَانَ لَهُ لِعَانُهَا قَبْلَهُ، كَالزَّوْجَةِ. وَالثَّانِي، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ عِنْدَهُ لَا يَنْتَفِي فِي حَالِ الْحَمْلِ، وَلِأَنَّ اللِّعَانَ إنَّمَا يَثْبُتُ هَاهُنَا لِأَجْلِ الْوَلَدِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُلَاعِنَ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهِ بِوَضْعِهِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِعَانِهَا مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ.

[فَصْلٌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ]

(٦٢٤٣) فَصْلٌ: إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، كَانَ لَاحِقًا بِهِ، وَلَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إلَّا بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْمِلْكِ دُونَ النِّكَاحِ، لِكَوْنِ الْمِلْكِ حَاضِرًا، فَصَارَ كَالزَّوْجِ الثَّانِي، يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوَّلِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، أَوْ أَقَرَّ بِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَ، كَانَ مُلْحَقًا بِالنِّكَاحِ، إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، وَهَلْ يُثْبِتُ هَذَا اللِّعَانُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

[فَصْلٌ قَذَفَ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ]

(٦٢٤٤) فَصْلٌ: إذَا قَذَفَ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ، فَلَهُ لِعَانُهَا، سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْذِفُهَا. قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُلَاعِنُ، وَيُجْلَدُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يُلَاعِنُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَجْوَدُ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَهُوَ يَرِثُهَا وَتَرِثُهُ، فَهُوَ يُلَاعِنُ. وَبِهَذَا قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فَكَانَ لَهُ لِعَانُهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا.

[فَصْلٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا]

(٦٢٤٥) فَصْلٌ: وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا، فَلَهُ لِعَانُهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَرُوِيَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>