يَعْنِي لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِهِ إذَا كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ بِالرِّقِّ، فَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ الْحُرُّ، كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ رَقِيقًا.
وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهُ عَبْدًا، قُتِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْجَانِي. وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْقَاتِلِ حُرًّا، وَجَبَ الْقَوَدُ؛ لِتَسَاوِيهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ الْحُرِّيَّةُ فِي الْقَاتِلِ أَكْثَرَ، لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ؛ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ عَبْدًا فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ، وَنِصْفُ قِيمَتِهِ، إذَا كَانَ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَفِي مَالِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْعَبْدَ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا دِيَةُ حُرٍّ فِي الْخَطَإِ، وَالْعَاقِلَةُ تَحْمِلُ ذَلِكَ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي جِرَاحِهِ إذَا كَانَ قَدْرُ الدِّيَةِ مِنْ أَرْشِهَا يَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، مِثْلُ أَنْ يَقْطَعَ أَنْفَهُ أَوْ يَدَيْهِ. وَإِنْ قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ، فَعَقْلُ جَمِيعِهَا عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ، وَهُوَ رُبْعُ دِيَتِهِ؛ لِأَجْلِ حُرِّيَّةِ نِصْفِهِ، وَذَلِكَ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ، وَعَلَيْهِ رُبْعُ قِيمَتِهِ.
[فَصْلٌ دِيَة الْأَعْضَاء]
(٧٠٠٨) فَصْلٌ: وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ كَدِيَةِ النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ، لَمْ يَخْتَلِفْ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْإِبِلِ، وَجَبَ فِي الْعَمْدِ أَرْبَاعًا، عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى يَجِبُ خَمْسٌ وَعَشْرٌ مِنْهَا حِقَاقٌ، وَخَمْسٌ وَعَشْرٌ جِذَاعٌ، وَخُمْسَاهَا خَلِفَاتٌ، وَفِي الْخَطَإِ يَجِبُ أَخْمَاسًا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، مِثْلُ أَنْ يُوضِحَهُ عَمْدًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَرْبَعَةً أَرْبَاعًا، وَالْخَامِسُ مِنْ أَحَدِ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ، قِيمَتُهُ رُبْعُ قِيمَةِ الْأَرْبَعِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَجَبَ خَلِفَتَانِ، وَحِقَّةٌ، وَجَذَعَةٌ، وَبَعِيرٌ قِيمَتُهُ نِصْفُ قِيمَةِ حِقَّةٍ وَنِصْفُ قِيمَةِ جَذَعَةٍ. وَإِنْ كَانَ خَطَأً، وَجَبَ الْخُمْسُ مِنْ الْأَجْنَاسِ الْخَمْسَةِ. مِنْ كُلِّ جِنْسٍ بَعِيرٌ.
وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ دِيَةَ أُنْمُلَةٍ، وَقُلْنَا: يَجِبُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَجْنَاسٍ، وَجَبَ بَعِيرٌ وَثُلُثٌ مِنْ الْخَلِفَاتِ، وَحِقَّةٌ، وَجَذَعَةٌ. وَإِنْ قُلْنَا: أَرْبَاعًا، وَجَبَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، قِيمَتُهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْبَعَةِ وَثُلُثِهَا. وَإِنْ كَانَ خَطَأً، فَقِيمَتُهَا ثُلُثَا قِيمَةِ الْخَمْسِ. وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا، قِيمَةُ كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ. وَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِ أَسْنَانِهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، مِثْلُ أَنْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ، أَنَّهُ إذَا جَاءَ بِمَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، لَزِمَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَاءَهُ بِالدَّنَانِيرِ، لَزِمَهُ قَبُولُهَا، فَيَلْزَمُهُ قَبُولُ مَا يُسَاوِيهَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب الْقَسَامَة]
ِ الْقَسَامَةُ: مَصْدَرُ أَقْسَمَ قَسَمًا وَقَسَامَةً. وَمَعْنَاهُ حَلَفَ حَلِفًا. وَالْمُرَادُ بِالْقَسَامَةِ هَاهُنَا الْأَيْمَانُ الْمُكَرَّرَةُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ. قَالَ الْقَاضِي: هِيَ الْأَيْمَانُ إذَا كَثُرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ. قَالَ: وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهَا الْقَوْمُ الَّذِينَ يَحْلِفُونَ؛ سُمُّوا بِاسْمِ الْمَصْدَرِ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ زُورٌ وَعَدْلٌ وَرِضًى. وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ، فَهُوَ مِنْ الْقَسَمِ الَّذِي هُوَ الْحَلِفُ.
وَالْأَصْلُ فِي الْقَسَامَةِ مَا رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute