الْأَبِ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ وَلِأَنَّهُ قَالَ: {وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} . وَهَذَا حُكْمُ الْعَصَبَةِ، فَاقْتَضَتْ الْآيَةُ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ؛ لِأَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَنَاتُ، وَالْأُمُّ؛ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى مِيرَاثِهِمْ مَعَهُمَا، بَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى ظَاهِرِهِ، فَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ بِثَلَاثَةٍ؛ بِالِابْنِ، وَابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، وَبِالْأَبِ. وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَبِالْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» وَلِأَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ، يَرِثُ الرَّجُلُ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.
[مَسْأَلَةٌ مِيرَاثُ أَخٍ وَأُخْتٍ لِأُمِّ مَعَ وَلَدٍ]
(٤٨١٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَرِثُ أَخٌ وَلَا أُخْتٌ لِأُمٍّ، مَعَ وَلَدٍ، ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى، وَلَا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ، وَلَا مَعَ أَبٍ، وَلَا مَعَ جَدٍّ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ، ذَكَرَهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، يَسْقُطُونَ بِأَرْبَعَةٍ؛ بِالْوَلَدِ، وَوَلَدِ الِابْنِ، وَالْأَبِ، وَالْجَدِّ أَبِ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، أَجْمَعَ عَلَى هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ، فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْهُمْ خَالَفَ هَذَا، إلَّا رِوَايَةً شَذَّتْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ، فِي أَبَوَيْنِ، وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ، لِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْأَخَوَيْنِ الثُّلُثُ، وَقِيلَ عَنْهُ: لَهُمَا ثُلُثُ الْبَاقِي. وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا. فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ كُلَّهُمْ بِالْجَدِّ، فَكَيْفَ يُوَرِّثُ وَلَدَ الْأُمِّ مَعَ الْأَبِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ، فَكَيْفَ يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] . وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْأَخُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ، بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَفِي قِرَاءَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: " وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ "، وَالْكَلَالَةُ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ: مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ، وَلَا وَالِدٌ، فَشَرَطَ فِي تَوْرِيثِهِمْ عَدَمَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، وَالْوَلَدُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَالْوَالِدُ يَشْمَلُ الْأَبَ وَالْجَدَّ.
[فَصْل رَأْي أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَلَالَةِ]
(٤٨١٦) فَصْلٌ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَلَالَةِ، فَقِيلَ: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ، مَا عَدَا الْوَالِدَيْنِ، وَالْمَوْلُودِينَ. نَصَّ أَحْمَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute